( السبيلُ لإحباط المؤامرات )
حول العراق ودولة العراق الإسلامية
إن الحمدَ لله نحمده و نستعينه و نستغفره , و نعوذُ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مُضل له و من يُضلل فلا هادي له , و أشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .
أما بعد ,
فإلى أمتي الإسلامية الغالية عامة , و إلى أهلنا الصابرين المرابطين في جبهات و ثغور العراق خاصة , إلى أهل العِلم و الفضل , و إلى قادةِ الجماعات المجاهدة و أعضاء مجالس الشورى فيها , و إلى شيوخ العشائر الحرَّة الأبية , و إلى إخواني المجاهدين :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
حديثي هذا إليكم عن المؤامرات التي يحيكُها التحالف الصهيوني الصليبي بقيادة أمريكا بالتعاون مع وكلائها في المنطقة لسرقة ثمرة الجهاد المبارك في أرض الرافدين , و ما الواجب علينا لإفساد هذه المؤامرات .
لا يخفى عليكم أن أمريكا ما فتئت تسعى بشتى السُّبل العسكرية و السياسية لتثبيت قواتها في العراق , و لما أيقنت بعجزها العسكري زادت من نشاطها السياسي و الإعلامي لمخادعة المسلمين , و كان من كيدها السعي لإغواء العشائر بشراء ذممهم , و تكوين مجالس الضرار تحت مسمى
( الصحوات ) كما زعموا , فامتنعت عن ذلك عشائرُ كثيرةٌ حرة أبية , أبت أن تبيع دينها أو تُدنس شرفها , أرجو الله أن يثبتهم على الحق و يجعلهم ذُخراً لنصرة الإسلام و أن يبارك لهم في أنفسهم و أهليهم و أموالهم فجزاهم الله خيراً .
بينما استجاب بعض ضعاف النفوس , كان منهم الضال المضل عبد الستار أبو ريشة و بعض ذويه , فهؤلاء خانوا الملة و الأمة , وجَرُّوا على أنفسهم و من تبعهم الخزي و الفضيحة و العار , عار يتبعهم أبد الدهر ما لم يتوبوا .
و إن شَرَّ التجَّار همُ الذين يتاجرون بدينهم و دين أتباعهم فيبيعونه بدنيا زائلة , و مع ذلك لم ينعموا فيها , وقد عاجلهم أُسْدُ الإسلام بالقتل جزاءاً لهم و ردعاً لأمثالهم , و لم يغنِ عنهم بوش و جنوده شيئاً , فخسروا الدنيا و الآخرة وذلك هو الخسران المبين .
و إني أنصحُ من ساروا في طريق الغواية أن يغسلوا هذا الكفر و العار بتوبةٍ نصوح , قال الله تعالى : ( إ ِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
فتجنيدُ من نافقَ من زعماء العشائر محور , ومحورٌ آخر تسعى أمريكا من خلاله مع وكلائها في المنطقةِ من تشكيل حكومة جديدة مواليةٍ لها كحكوماتِ دول الخليج بدلاً عن حكومة المالكي ، تُسمَّى باسم حكومة الوحدة الوطنية أيضاً ، وهذا الاسم يستهوي كثيراً من الناس وخاصةً الذين تعبوا من الحرب ، فيجب على المسلمين أن يعلموا حقيقة هذه الحكومة قبل الترحيب بها ، فحكومةُ الوحدة الوطنية تعني أن يلتقي جميع أطياف الشعب على تعظيم الوطن تعظيماً يفوق تعظيمهم لأي مُقدَّس عندهم ، أي أن الوطن له الكلمة العليا فهو يعلو ولا يُعلى عليه ، فيلتقي الجميع في وسط الطريق ويرضون بأنصاف الحلول ، مما يعني أن يتخلى البعثيون وبقيةُ الأطراف الأخرى عن بعض مبادئهم , ويتخلى المسلمون أيضاً عن بعض دينهم ، ومقتضى هذا الأمر أن يرضى المسلم بتحكيم ومشاركة التشريعات الوضعية للشريعة الإسلامية في التحليل و التحريم ، هذه المشاركةُ هي شركٌ أكبرٌ مخرجٌ من الملة مُخلِّدٌ لصاحبه في النار – نعوذ بالله منها – , فباسم الوطن و الوطنية ناصرت دول الخليج أمريكا لتستبيح العراق ليعاني أهله ما يعانون من ويلات ، كل ذلك حتى لا يشطب الوطن من الخريطة كما زعموا ، والحقيقةُ هي خوفهم من أن يشطبوا هُم لا الوطن , فهذا حليفهم السابق صدام قد شُطِب ولكن العراق لم يُشطب .
وباسم الوطن و الوطنية يتم التمكين للصليبيين اليوم في أرض الرافدين أيضاً ، بتنصيب حكومةٍ عميلةٍ لأمريكا تُوقِّع سلفاً على الرضا بوجود القواعد الأمريكية الكبرى فوق أرض العراق ، و تعطي الأمريكان ما شاؤوا من نفط العراق تحت قانون النفط للاستمرار في إخضاعه للهيمنة المطلقة على بقية دول المنطقة ، ولكن مما يؤسف له أن يشارك في هذه الخيانة العظمى أحزابُ وجماعاتٌ تنتسب للعلم و الدعوة و الجهاد , و هذا من تلبيس الحق بالباطل ، وقد شاهد الناس بعض هذه الزعامات وهي تتعاون بشكل مباشر مع الأمريكيين كما فعل زعيم الحزب الذي يسمى بالإسلامي ، ودعا صراحةً لإبرام اتفاقيات أمنيةٍ طويلةِ المدى مع أمريكا ، و رأى الناس أيضاً زعاماتٍ أخرى تتعاون بشكل غير مباشر وذلك عن طريق وكلاء أمريكا في المنطقة وخاصةً حاكم بلاد الحرمين ، فلا يمكن للرياض أن تستقبل وتدعم هذه الزعامات إلا على شرط الرضا بحكومة وحدة وطنية ، وللعقلاء أن يعتبروا بما آلت إليه قيادة حماس ، حيث أضاعت دينها ولم تَسْلَم لها دنياها ، عندما أطاعت حاكم الرياض وغيره بالدخول في دولة الوحدة الوطنية واحترام المواثيق الدولية الظالمة ، فهلا قام الصادقون في حماس ليصححوا مسارها ؟
وكما أغوى حُكَّام الرياض قادةَ حماس فكذلك يسعون لإغواء الجماعات المجاهدة في العراق ، فيغضوا طرفهم عن أعضاء بعض الجماعات لتتحرك في دول الخليج باطمئنان لتأخذ الدعم ولكن ليس بشكل رسمي فهذا ما ترفضه الجماعات ، وإنما يتم تمرير الدعم باسم جمع التبرعات من بعض العلماء و الدعاة غير الرسميين , وكثير منهم في حقيقتهم رجال موالون للدولة يسعون في تحقيق سياستها في العراق ، بسحب البساط من تحت أقدام المجاهدين الصادقين ، فمهمةُ هؤلاء العلماء و الدعاة إقناع قادة هذه الجماعات بنفس الشرط السابق وهو الرضا بحكومة وحدة وطنية ، فضلاً عن حثهم لبث الدعايات المغرضة ضد دولة العراق الإسلامية وقتالها إن أمكن وهذا من أسرار الحملة الشرسة عليها عسكرياً وإعلامياً ، وإن المرء ليعجب أشد العجب كيف ضيعت هذه الزعامات الأمانة التي في أعناقها وذهبت تضع يدها في يد أحد أَلَدِّ أعدائها حاكمِ الرياض ، وهو الذي ثبتت نصرته وتواطؤه مع أمريكا لغزو العراق ، وهل يخفى اليوم على فتيان المسلمين فضلاً عن علمائهم وشيوخهم وقادة المجاهدين أن هذا الحاكم هو كبير وكلاء أمريكا في المنطقة وقد أخذ على عاتقه مراودة وترويض كل حُرٍّ عفيف أمين شريف بجره إلى سبيل الغي و الغواية ؟ ذلك الطريق الذي ارتضاه لنفسه وهو في العقد التاسع من عمره ، طريق الخيانة للملة و الأمة و الخضوع لإرادة التحالف الصليبي الصهيوني , فبئس السبيل سبيلهم ، ولكن أنى رجع العلماء و الأمناء المرشدون إلى سبيل الرشد فهذا ما نتمناه .
وإن أصحاب هذا المنهج يبررون تعاونهم مع أعداء الأمة من حكام المنطقة وموكليهم بشدة الأهوال التي أصابت أهل الإسلام على يد جيش الصدر وكذا فيالق الغدر بقيادة عبد العزيز الحكيم ، و منتسبي حزب الدعوة داخل حكومة المالكي وخارجها ، فأقول إن جرائم هؤلاء قد تجاوزت كل الحدود وما يفعلونه بأهل الإسلام لا يصدقه الإنسان ولكنها حقائق على أرض الواقع يذوقها إخواننا هناك في العراق ، وهؤلاء القوم لهم أطماع وكذا أهداف في توسيع جرائمهم خارج العراق ، ومع هذا كله فإنه بالإمكان إيقاف جرائم هذه المليشيات ومدها بإذن الله بالإعتماد على الله تعالى ثم بتوحيد جهود المجاهدين للقتال ضد الغزاة وأعوانهم هؤلاء ، ودعم عامة المسلمين للمجاهدين بكل ما يحتاجونه ، وقد حاز الأمير أحمد الخلايلة أبو مصعب الزرقاوي -عليه رحمة الله - وإخوانه قصب السبق في رفع اللواء لفضح هؤلاء المجرمين وقتالهم وإيقاف مدهم ، وبدلاً من أن تنصروهم خذلتموهم وثبطتم المجاهدين عن قتال هؤلاء وقسمتم القتال إلى قسمين , فقتال الأمريكان فقط مقاومة شريفة ، و أما قتال المليشيات المرتدة وأعضاء الجيش والشرطة وهم أنصار أمريكا وأدواتها لاحتلال العراق وقتل أحراره فهي عندكم مقاومة غير شريفة تتبرؤون من أصحابها , فهذه تقسيمات ما أنزل الله بها من سلطان , وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل أبناء عمومته من قريش ، فالدين هو الذي يعصم الدم وليس العرق أو الوطن ، وقد وافقكم في هذا المنهج المعوج عشراتٌ من أصحابكم من أولياء وعلماء السلطان غير الرسميين في بلاد الحرمين وغيرها , وهذا مما أعطى فرصةً كبيرةً لهذه المليشيات أن تتمادى في إهلاك الحرث والنسل .
ترجو النجاةَ ولم تسلك مسالكها *** إن السفينةَ لا تجري على اليبسِ
ثم إن كان حرصكم على دفع شر هؤلاء هو الذي دفعكم لموالاة الكفار والحكومات المرتدة ، أَمَا كان من الواجب عليكم أن تصارحوا إخوانكم الذين ائتمنوكم وأطاعوكم لتقيموا دولةً إسلامية ؟ أليس من الواجب أن تبلغوهم أنكم قد عجزتم عن الأمر المتفق عليه , ورضيتم بدولة وحدة وطنية ، وحقيقتها دولة وحدة وثنية , الكلمة العليا فيها ليست لله تعالى وإنما للوطن وكاهنه , وإني أدعو من زلت أقدامهم أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أمتهم وألا يضيعوا ثمرة هذه الدماء الزكية الطاهرة التي أريقت من أجل قيام الدين والتمكين لدولة المسلمين , وأن يرجعوا إلى الحق فالرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل .
إخواني المجاهدين , فما الواجب علينا لإفشال هذه المؤامرات الخطيرة التي ترمي إلى إجهاض الجهاد في أرض العراق , والحيلولة دون قيام دولة إسلامية على كامل أرض الرافدين تكون نصرةً وعوناً لأهل الإسلام في كل مكان , وتُفشل مخطط أمريكا في تقسيم العراق وتكون خط الدفاع الأول عن أمتنا ؟
أقول و أؤكد أن من أعظم الواجبات هو أن تتحد جهود جميع المجاهدين الصادقين مع بعضهم البعض ، لتقف صفاً واحداً تقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وتعمل جاهدةً لإفشال جميع مؤامراتهم , ومن المفيد هنا أن أذكر محاولةً سابقةً لجمع كلمة لقادة المجاهدين الأفغان فيها عبر مهمة ذات صلة بموضوعنا ، قد قمنا بها مع الشيخ عبدالله عزام -رحمه الله- وبعد أشهر من السعي لتحقيق الوحدة بينهم ، وإزالة العقبات التي كان يدعي بعضهم أنها تحول دون الوحدة ، وبعد إزالتها يدعون عقبة أخرى ، وهكذا حتى توصلنا إلى نتيجة لخصها الشيخ عبدالله - رحمه الله - بكلمات للتدليل على صعوبة المهمة وتعلق الأمراء بالإمارة فقال : " هل يمكن أن يتنازل حاكم الرياض عن حكمه لحاكم الأردن أو العكس من أجل اجتماع الأمة ووحدتها ؟ " , فكانت إجابة الإخوة : لا يمكن , فقال : " كذلك لن يتنازل سياف لرباني أو لحكمتيار والعكس صحيح ".
ولقد كان لأحد المجاهدين رأيٌ سديد جداً في هذه القيادات وكان من كبار السن والقدر وهو صاحب تجربة طويلة في الحياة مع الناس ، وكنا وقتها ننفر من شدة قوله فيهم ، وسأحاول أن أوصل بعض قوله إليكم وخلاصته : " أن هؤلاء القادة تُجار تهمهم زعامتهم , ومصالحهم الشخصية مقدمة على القضية " ، وكنا لا نصدق كلامه فيهم مما أخَّر إدراكنا للتصور الصحيح للأشخاص والأحداث ، و لا يخفى ما يترتب على ذلك من مضار عظام , ثم مع مرور الأيام وتتابع الوقائع بدأت الأمور تتضح وتصدق قوله في بعضهم ، بل جاءت الأحداث لتؤكد أموراً ما كنا نتوقعها أبداً لصغر سننا ولقلة تجربتنا في تلك الأيام ، وأمّا اليوم فكلكم قد علم أن تحالف الشمال بقيادة رباني وسياف صاروا أعواناً ومناصرين لأمريكا ضد المجاهدين في أفغانستان ، و كذلك الحال اليوم في العراق فالحزب الإسلامي وبعض الجماعات المقاتلة تناصر أمريكا على المسلمين ، وذلك كفرٌ بواح وردة صراح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فيجب على أعضاء الحزب الإسلامي وتلك الفصائل المقاتلة , أن يتبرؤوا من قادتهم ويصححوا مسار أحزابهم وجماعاتهم , فإن تعذر ذلك فليعتزلوا هذه القيادات المنافقة ، وليلتحقوا بالمجاهدين الصادقين بأرض الرافدين , ولقد بذلت أمريكا جهوداً كبيرة من قبل لإقناع قادة الأفغان بواسطة حكومتي الرياض وإسلام آباد للدخول في حكومة وحدة وطنية ، أي مع الشيوعين والعلمانيين الذين جاؤوا من الغرب , واستعانت الرياض ببعض رجالها من العلماء غير الرسميين ، حتى يتيسر لهم اختراق صفوف المجاهدين , وهؤلاء كانوا من الخطباء المؤثرين المحرضين للناس على الجهاد ، ويحضرون الأموال الطائلة لقادة المجاهدين ، و في الوقت المحدد طلبوا من قادة الأفغان أن يتحدوا مع الشيوعيين والعلمانيين ، تحت مسمى دولة الوحدة الوطنية وعندها ظهروا على حقيقتهم بأنهم علماء سوء ورجال الطاغوت , فقاموا بتعطيل مشروع الوحدة بين قادة المجاهدين وذلك عندما أغروا أحدهم بأموالٍ طائلة , ووعدوه أن يدعموه ليكون رئيساً لأفغانستان ثم لم يفوا له بما وعدوه ، ولكنه من أجل هذا الوعد لكرسي الرئاسة ماطلنا في أمر الوحدة كثيراً كما اتضح لنا في نهاية المطاف أنه كان قد رهن قراره عند رئيس استخبارات الرياض الذي جاء بنفسه إلى بيشاور لمتابعة الأمر بالتعاون مع الاستخبارات الباكستانية ، وكان رسوله إلى هذا القائد عالمِيَن غير معروفين من العلماء غير الرسميين مع العلم أن معظم القادة قد وافق على ذلك نتيجة لضغوط الرياض وإسلام آباد ، وعندها بُذلت جهود لإفساد هذا الأمر والمقام لا يتسع للتفصيل .
وما أشبه الليلة بالبارحة فإن حكومة الرياض ما زالت إلى اليوم تقوم بنفس أدوارها الخبيثة مع كثير من زعماء العمل الإسلامي وقادة المجاهدين في أمتنا فحسبنا الله عليهم ، ولقد كان من أسباب فشل محاولات جمع كلمة قادة الأفغان ، أن قرار الوحدة كان بأيديهم ويصعب على كثير من الناس أن يُقَدِّروا مصلحة الجهاد و الأمة إذا كانوا هم طرفاً في تلك المعادلة ، فتتلبس على القائد أو الأمير الأمور العامة بالخاصة ، ويعتقد أنه هو وحزبه أفضل من يقود عموم المجاهدين لنصرة الدين ، ومن هنا يزداد تمسكه بالإمارة وتتضخم عنده أخطاء غيره من القادة والأحزاب ، ولا يرى أخطاء نفسه وحزبه , فبمثل هذه الحالة يكون هو المدعَى عليه ، وفي نفس الوقت هو القاضي فلا يستطيع أن يحكم على نفسه بوجوب اعتزال الإمارة والتنازل لصالح أمير آخر قد يجتمع عليه معظم المسلمين ، وحالهم في هذه المصيبة كحال الملوك والرؤساء في بلادنا وعند التدبر في اعتراضاتهم وأعذارهم يتبين أنها لا تنهض لتأخير اجتماع الكلمة , وإن معظمها تدور حول أمور تحسينية للإمارة لكن إصرارهم على ذلك أدى إلى ضياع الضروريات وأهمها الدين والنفس والعرض فظهر الكفر في كابل وساد الفساد وقطعت الطرق وسفكت الدماء وانتهكت الأعراض ونهبت الأموال وذهبت ريح المجاهدين وكانت الكلمة العليا حقيقة في كابل للرئيس السابق نجيب بينما قادة الأحزاب يوهمون أعضاء أحزابهم أنهم هم حكام كابل وأنهم سيقيمون شريعة الإسلام , وبقي كثير من أعضاء أحزابهم يتقبلون هذه الأكاذيب ولكن عدداً من الصادقين رفضوا أن يبيعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل ورفضوا أن يعطلوا ما يميز الأنام عن الأنعام وأن يساقوا كما يساق القطيع .
فينبغي على كل أخ من الأخوة المجاهدين أن يتدبر ويُعمل عقله ولا يعطله وأن يفرق بين حُسن الظن بالقادة وبين أن يكون كَيِّساً فطناً يزن الأمور والرجال بميزان الإسلام ويترفع عن أن يكون إمَّعَة يتبع القادة على غير بصيرة , فالذين بقوا مع القادة كسياف ورباني في كابل يناصرونهم ضد المسلمين بعد كل الذي حصل هؤلاء قد ظاهروا الكفار على المسلمين وذلك ناقضٌ من نواقض الدين وليس بعذر لهم حسن ظنهم بالقادة فيجب عليهم أن يفتشوا قلوبهم ويتبرؤوا من الشرك وأهله ويدخلوا في الإسلام من جديد , فكم من الناس ضلوا عن سواء السبيل لتعصبهم لقادتهم وكبرائهم بغير هدى وليتدبروا قول الله تعالى : ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا )
ومن العِبَر ألا ينخدع الإخوة بأسماء الأحزاب أو بقادتها فهذا سياف كان أبرز قادة المجاهدين وكان مِلء السمع والبصر واسم حزبه الاتحاد الإسلامي ثم أعان أمريكا على المسلمين وذلك كفرُ بواح , وهذا رباني وحزبه الجمعية الإسلامية وحاله كذلك , وهذا أحمد شاه مسعود الذي ذهب عند الصليبيين في أوروبا يعرض نفسه على الملأ ليكون أداة لإسقاط إمارة أفغانستان الإسلامية ثم يزعم بعض المضلين أنه شهيد , ولئن زلَّ بعض قادة الأفغان فإنه بفضل الله قد ثبت البعض الآخر فكانوا صادقين مخلصين -نحسبهم والله حسيبهم- منهم الشيخ يونس خالص -عليه رحمة الله- والشيخ جلال الدين حقاني -حفظه الله- وكلاهما قد أفتى بوجوب الجهاد ضد الغزو الأمريكي لأفغانستان وساهما فيه , كما رأت الدنيا بأسرها صدق وثبات الأمير المجاهد الملا محمد عمر في قتال تحالف الكفر العالمي وعدم الرضوخ والخضوع لهم بتضييع أمانته وذلك برفضه التخلي عن الشريعة أو تسليم من دخلوا في جواره من العرب المهاجرين لأنهم إخوانه في الدين فلو ذهبت الإمارة وكرسيها فمواقف عظيمة تنبئ عن رجال عظام -نحسبهم والله حسيبهم ولا أزكي على الله أحداً- ففرق هائل بين موقف الحاكم المسلم وبين مواقف الحكام المنافقين الذين تعاونوا مع أمريكا في الحرب العالمية ضد الإسلام , فالأول ضحَّى بملكه من أجل دينه والآخرون يضحون بدينهم من أجل مُلكهم فالفرق بينهم هو الفرق بين الإيمان والكفر فشتان شتان بين مواقف المؤمنين الرجال وبين مواقف المنافقين أشباه الرجال , وقد يقول بعض الناس عن بعض قادة الجهاد في أفغانستان الذين زلت أقدامهم كانت لهم سابقة فقد رفعوا راية الجهاد مبكراً ضد الروس فينبغي أن تقال عثراتهم , فأقول : يجب التفريق بين العثرة التي ينبغي إقالتها لذوي الهيئات وبين ارتكاب الحدود التي يجب أن تقام ولا يُستثنى منها أحد فالمرأة التي سرقت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لها سابقة في الإسلام والهجرة ومع ذلك أقيم الحد عليها لتجنيب الأمة طريق الهلاك فتدبر .
فذكري لهؤلاء القادة إنما هو من هذا الباب فقد ارتكبوا ناقضاً من نواقض الإسلام وهو مظاهرة الكفار على المسلمين , ومنهج محاباة السادة والكبراء منهج متنشر بين كثير من المسلمين ومن هنا كان ضلال أصحاب هذا المنهج عن الصراط المستقيم وقد قيل :
وإن الجرح ينفر بعد حينٍ *** إذا كان البنـاء على فسادِ
فينبغي الحذر من ذلك , فإقامة الحد واجب شرعي يتم به تطهير المرتكب له وتزكية المجتمع المسلم وإلا فذاك طريق الهلاك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " .
خلاصة القول في هذا الأمر يجب على الأخوة المجاهدين ولاسيما في مجالس الشورى ألا يستسلموا لأعذار أمراء الجماعات لتعطيل الوحدة والاجتماع فقد يكون عندهم أعذار حقيقية ولكنها لا تنهض بحال للحيلولة دون الوحدة والاعتصام بحبل الله , فلا يستقيم عند أولي الألباب والنُّهى أن يصر المرء على التمسك بالفرع وإن أدى هذا إلى ضياع الأصل وعندها يضيع الجميع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " متى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب ". انتهى كلامه .
فكيف وأنتم ترون أحزاب أو فصائل و هيئات فيها شيوخ كبار تنتمي إلى أمتنا تفتن وتتساقط عند أبواب سلاطين نجد ومن أسباب ذلك تأخر الوحدة , قد تكون عند بعض الأمراء شهوة خفية في الحرص على الإمارة هي المانع الحقيقي فلا ينبغي أن نتعصب للرجال أو الأحزاب أو الجماعات ولكن نتعصب للحق فمن تمسك به أعناه وإن أمرنا أطعناه ومن حاد عن الجادة قومناه ، وأمرناه أن يكون للحق تَبَع فالحق أحق أن يُتبع ومن كان مقتدياً فليقتدي بمن مات من القدوات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة , واعرف الحق تعرف أهله فالحق لايعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق , وهنا ينبغي ذكر أهل الفضل السابقين في باب الوحدة والاجتماع بما هم أهلٌ له فلقد سر المسلمين تسابق عدد من أمراء الجماعات المقاتلة في سبيل الله مع عدد مع شيوخ العشائر المرابطة المجاهدة لتوحيد الكلمة تحت كلمة التوحيد فبايعوا الشيخ الفاضل أبا عمر البغدادي أمير على دولة العراق الإسلامية . إن تنازل هؤلاء الأمراء عن الإمارة للاعتصام بحبل الله جميعاً هو مؤشر على صدقهم وعدلهم وإنصافهم وتجردهم من حظوظ أنفسهم وحرصهم على مصلحة المسلمين -نحسبهم كذلك والله حسبيهم- فجزاهم الله خير الجزاء , واجتماعهم هذا خطوة عظيمة مباركة نحو توحيد باقي الجهود في تكوين جماعة المسلمين الكبرى فقد سمع المسلمون بأن بعض الأخوة من الأمراء والعلماء في بعض الجماعات المجاهدة قد وجدوا في أنفسهم إذ أبرم الأمر ولم يحضروه وقضي ولم يشهدوه فأقول إن وَجْدَ هؤلاء لاحرج فيه , و إن لم يغضبوا فذاك السبيل بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة مما يُعسِّر الحركة والاتصال بين الإخوة مع العلم إن إخوانكم قد ذكروا أنهم راسلوكم وانتظروكم لمدة تقرب من شهرين حتى لايبرم الأمر إلا بحضوركم فما تيسر مجيئكم , وإن بعض خيار الصحابة قد وجدوا في أنفسهم عندما قضي الأمر يوم سقيفة بني ساعدة دون مشاورتهم رضي الله عنهم .
إلا أني أذكر في المقابل بأن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ومن معهم -رضي الله عنهم- لم يكن دافعهم الرغبة في أن يستأثروا بالأمر أو الافتئات على المعنيين به , بل كان هناك من الظروف و الملابسات التي لا تخفى والتي دفعتهم إلى أن يتعجلوا بالأمر قبل مشاورة بقية المعنيين به -رضي الله عنهم أجمعين- خشية الفتنة وتفريق الكلمة , ثم إن الذين وجدوا في أنفسهم لم يلبثوا أن بايعوا أبابكر بعد مدة ولم تنقض البيعة فتدبر .
والمقصود والمطلوب شرعاً اعتصام المسلمين بحبل الله واجتماعهم تحت أمير واحد لإقامة دين الله ونصرته , ومعلوم أن هذا الأمر يجب المسارعة في إقامته فهو واجب من أعظم الواجبات في دين الله تعالى , قال الله عز وجل : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) , وما أكثر أسماء الدول المنتسبة إلى الإسلام ولا يخفى على أولي الألباب أنها جميعاً فاقدة لشروط هي من أهم شروط قيام الدولة المسلمة , و أولها أنها لا تقيم شرع الله ناهيك على أن معظمها منقوصة السيادة , وجميعها بدون استثناء قد تعاونت بشكل أو بآخر مع أمريكا في الحرب العالمية على الإسلام وذلك ناقض من نواقض الإسلام , ومع ذلك فكثير من الناس يتعاملون معها على أنها دول إسلامية ذات سيادة , وتعاملهم هذا لايصح شرعاً لما سبق ذكره .
ثم إني أقول : إن الذين وجدوا في أنفسهم بسبب عدم مشاورتهم إن كان لهم همة ورغبة في توحيد كلمة المسلمين فوَجْدُهُم لاحرج فيه كما سبق ذكره , و أما إن كانوا يصرحون بأن الوقت غير مناسب ويأخرون حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم بآرائهم طيلة هذه السنوات فهؤلاء وجدهم غير مبرر وما ينبغي انتظارهم وتعطيل أمور الدين , ولكن لما نشأ الناس وعاشوا بعيداً عن ظل الدولة المسلمة تبلد حس الكثير منهم ولم يعودوا يشعرون بحرج كبير لتأخير قيامها , فينبغي أن يناصَح الأخوة في ذلك , ورغم أهمية الشورى في الإمارة والنصوص في ذلك واضحة بينة وقول عمر -رضي الله عنه- في ذلك لا يخفى إلا أن أمر اجتماع الكلمة على الأمير مُقدَّم عليها إذا تعذر استيفاؤها من جميع المعنيين بها كما لو تكررت ظروف شبيهة بظروف السقيفة , ولو أن الإمارة لا تتم في مثل ذلك الحال إلا بعد مشاورة جميع من يعنيهم الأمر لما أقدم عمر على مبايعة أبي بكر دون استيفاء المشاورة , ولما قبل أبو بكر أن يبسط يده لقبول البيعة , ولما أقدم جُلُّ الصحابة على مبايعته رضي الله عنهم أجمعين .
ولو أن التمكين المطلق شرط لقيام الإمارة الإسلامية في هذا الزمان لما قامت للإسلام دولة لأن الجميع يعلم أنه مع التفوق العسكري الهائل للخصوم وأنهم يستطيعون أن يغزو أي دولة ويسقطوا حكومتها وهذا ما رأيناه في أفغانستان وكما أسقطوا حكومة العراق البعثية, فسقوط الدولة لا يعني نهاية المطاف ولايعني سقوط جماعة المسلمين وإمامهم , وإنما يجب أن يستمر الجهاد ضد الكفار كما هو الحال في أفغانستان والعراق والصومال , ومن تدبر كيف حالُ دولة الإسلام الأولى يوم أحد ويوم الأحزاب إذ بلغت القلوب الحناجر واقتحمت القبائل وحاصرت المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى , ومن رأى كيف كان حال المسلمين يوم أن ارتدت جزيرة العرب إلا قليلاً بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعَلِمَ أن التمكين المطلق ليس شرطاً لانعقاد البيعة للإمام أو لقيام دولة الإسلام .
فلا يصح أن يقال لمن بويع على إمارة إسلامية نحن لا نسمع لك ولا نطيع لأن العدو يستطيع إسقاط حكومتك ! ومن العجيب إن بعض الذين يثيرون مثل هذه الأمور يعيشون في دول الخليج ومنها الكويت ولم نسمع منهم مثل هذا الكلام عندما أسقط البعثيون حكومتهم , وإنما كان خطيبهم المفوَّه يقول بصوت عال : " نحن مع الشرعية " يعني مع حكام الكويت آل الصباح المعاندين لشرع الله تعالى والذين لم يكونوا يملكون من أمر الكويت شيئاً وإن قل .
إخواني المسلمين فكما أن من الواجبات العظام السعي لتوحيد الكلمة تحت كلمة التوحيد فإن القعود عن ذلك كبيرة من الكبائر العظام أيضاً فإن الدين لا يكون كله لله , ولا تأمن السبل ولا تُقمع الفتن ولا يُستتب الأمن ولا تُحبط المؤامرات ولا ينضبط كثيرٌ ممن انضموا إلى الجماعات المجاهدة من عامة أبناء الأمة و إلى ما هنالك من أمور عظام إلا إذا كان للمسلمين جماعة وإمام , وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن , ولئن خَلَعَ ربقة الإسلام من عنقه من فارق الجماعة شبراً فكيف يسوغ للمسلم أن يؤخر قيام الجماعة دهراً فيكون سبباً في ترك مئات الملايين من المسلمين يعيشون تحت ظل الأنظمة الطاغوتية الجاهلية وكفى بذلك فتنة في الدين , فإن الأمر مهم كبير خطير ولا يجوز أن يؤخر , وينبني عليه علوُّ الإسلام وانتصار المسلمين في الدنيا والفلاح والفوز في الآخرة بإذن الله تعالى .
إخواني المسلمين في العراق : لقد تكرر النداء من المشفقين مرات ومرات لقادة المجاهدين لكي يجتمعوا منذ سنوات فاجتمع من اجتمع وامتنع من امتنع , فإن تحرك أمراء الجماعات المجاهدة وأعضاء مجالس الشورى فيها تحركاً جاداً لاستدراك مافات وسعوا لتوحيد جميع المجاهدين تحت راية واحدة لمجاهدة حملة الصليبيين والمرتدين فذاك هو الواجب , فقد أمرنا الله تعالى بالاجتماع ونهانا عن التفرق , وها أنتم ترون الكفر العالمي والمحلي بجميع ملله ونحله قد اتحد وفي كل يوم يأكل ذئب الطاغوت من الغنم القاصية , وأما إن كانت الأخرى ولم يتم اجتماع جميع القادة في جماعة واحدة لالتزامها فهذا مطلب شرعي وهو فرض الساعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة -رضي الله عنه- عندما سأله عن أحوال مشابه فقال له : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " , فإذا تعذر ذلك فإن السعي لإقامة جماعة المسلمين الكبرى يتعين على آحاد المسلمين والمجاهدين وذلك بأن يبايعوا أكثر الطوائف التزاماً بالحق و اتصافاً بالصدق , قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) .
وإن من يراقب حملات الكفر العالمي و المحلي يرى أنها تستهدف بالدرجة الأولى دولة العراق الإسلامية فأمريكا تُسَيِّر حملات إثر حملات تُكرر على المدينة الواحدة مرات ومرات بل هناك حملة مستمرة منذ ستة أشهر على ديالى كلها , وكذا على الموصل وصلاح الدين , وحملات من الجيش والحرس الوطني والشرطة , وحملات أخرى من مليشيات الصدر والحكيم فضلاً عن استهداف جميع دول الجوار بدون استثناء لدولة العراق الإسلامية ناهيك عن صحوات الضرار وأحزاب وجماعات الضرار بقيادة من خان الملة والأمة طارق الهاشمي , وبعد هذه وتلك حملات إعلامية لتشويه دولة العراق الإسلامية والتي يتولى كبرها حكام الرياض وعلماؤهم وإعلامهم , وما أحسب كل هذه الحملات الشرسة على المجاهدين في دولة العراق الإسلامية إلا لأنهم من أكثر الناس تمسكاً بالحق و التزاماً بمنهج رسول الله صلى عليه وسلم والذي قال له ورقة ابن نوفل :
" ماجاء رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي " .
فالأمير أبو عمر وإخوانه ليسوا من الذين يساومون على دينهم ويرضون بأنصاف الحلول
أو يلتقون مع الأعداء في منتصف الطريق , ولكنهم يصدعون بالحق ويرضون الخالق وإن غضب الخلق , ولا يخافون في الله لومة لائم -أحسبهم كذلك والله حسيبهم- كما يرفضون أن يداهنوا أي حكومة من حكومات عواصم العالم الإسلامي بدون استثناء , وأبوا أن يتولوا المشركين لنصرة الدين لأنهم على يقين بأن الدين دين الله تعالى وهو ناصرهم ومن شاء من عباده وهو غني سبحانه عن أن نشرك به لننصر دينه , ومحال أن تكون نصرة الدين بتولي الحكام الطواغيت المشركين , وإمامهم في ذلك حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال : " يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الإمام أحمد .
ولو أن قادة دولة العراق الإسلامية وضعوا أيديهم في يد أي دولة من دول الجوار لتكون لهم ظهراً وسنداً كما فعلت بعض الجماعات والأحزاب لكان الحال غير الحال , فأولئك ميزانياتهم بعشرات بل مئات الملايين , وهؤلاء رزقهم تحت ظلال رماحهم وهذا خير الرزق لو كانوا يعلمون , فأولئك فقدوا قرارهم و استقلاليتهم بسبب دعم الدول لهم فما أن تمارس أمريكا و أولياؤها الضغوط على الدولة الداعمة حتى ينتقل الضغط مباشرة على أمين الحزب أو أمير الجماعة وقد رأى الناس ذلك نهاراً جهاراً في لبنان , فبعد الخطب الرنانة عن العزة والكرامة وعن فلسطين ونصرتها , وبعد أن تحدى أُمم العالم أجمع أن تفرض عليه إرادتها تم القبول بالقرار ألف وسبعمئة وواحد الصادر عن الأمم المتحدة الملحدة أداة أمريكا والذي جوهره القبول بدخول الجيوش الصليبية إلى أرض لبنان , وهل يخفى على الناس أن هذه الجيوش هي الوجه الآخر للتحالف الأمريكي الصهيوني ؟ ولكن الأمين العام حسن نصر الله يستغفل الناس وقام ورحب بها على الملأ ووعد بتسهيل مهمتها رغم علمه أنها قادمة لحماية اليهود وإغلاق الحدود أمام المجاهدين الصادقين , فقد فعل هذه الطوام نزولاً عند رغبة الدول الداعمة صاحبة الأموال النزيهة الشريفة التي تَحَدَّثَ عنها من قبل , فعلام يكون السادات والحسين ابن طلال خائنين عندما قبلوا باتفاقيات تتضمن إغلاق الحدود أمام المجاهدين ضد اليهود -وهم كذلك ولا شك- وفي المقابل يكون الأمين العام للحزب شريفاً عندما وافق على قرارٍ مماثل ؟ ثم كيف يتفهم الناس اتهام الحزب للأكثرية في لبنان بأنهم عملاء لأمريكا -وهم كذلك ولا شك أيضاً- وفي المقابل يتم وصف محمد باقر الحكيم الذي تواطأ مع أمريكا لغزو العراق ونهى الناس عن مقاتلتها بأنه بطل شهيد كما جاء على لسان الأمين العام للحزب , أليس هذا هو النفاق بعينه ؟
وصنف آخر من هؤلاء عندما تمارس الدولة الممولة والداعمة ضغوطها الشديدة عليهم يقومون بإلزام جيشهم بأخذ إجازة مفتوحة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد ! هل سمعت الدنيا أن جيشاً يأخذ إجازة والعدو جاثم على صدر البلاد ؟
فهذه بعض شؤون الذين يرهنون قراراتهم بيد الدول الممولة , ولو أردنا الاسترسال لطال بنا المقام , ولكن المسلمين الأحرار أمثال الأمير أبي عمر البغدادي وإخوانه أهون عليهم أن يُقدَّموا فتضرب أعناقهم من أن يرهنوا الجهاد في سبيل الله في يد أي حاكم أو يكونوا معه يداً واحدة ضد أمتهم .
وهنا مسألة : إن كثيراً من الناس لايعرفون سيرة أمراء المجاهدين في العراق , فأقول : سبب ذلك ظروف الحرب ودواعيها الأمنية , إلا أني أحسب أن الجهل بمعرفة أمراء المجاهدين في العراق جهل لايضر إذا زكاهم الثقات العدول كالأمير أبي عمر , فهو مُزكى من الثقات العدول من المجاهدين فقد زكاه الأمير أبو مصعب -رحمه الله- , ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر الذين زكاهم صبرهم وثباتهم تحت صواعق الغارات فوق ذرى الهندكوش , وهم ممن يعرفهم إخوانكم في أفغانستان -أحسبهم كذلك والله حسبيهم ولا أزكي على الله أحداً- فالامتناع عن مبايعة أمير من أمراء المجاهدين في العراق بعد تزكيته من الثقات العدول بعذر الجهل بسيرته يؤدي إلى مفاسد عظام من أهمها تعطيل قيام جماعة المسلمين الكبرى تحت إمام واحد , وهذا باطل .
وفي الختام أطمئن المسلمين عامة , وأهلنا في دول الجوار خاصة بأنهم لن ينالهم من المجاهدين إلا كل خير بإذن الله , فنحن أبناؤكم ندافع عن دين الأمة كما ندافع عن أبنائها , وما يقع من ضحايا من أبناء المسلمين أثناء العمليات ضد الكفار الصليبيين أو وكلائهم المغتصبين فإنهم غير مقصودين , وعَلِمَ الله أنه يحزننا حزناً شديداً أن يقع بعض الضحايا من المسلمين ونحن مسؤولون مع ذلك عنه ونستغفر الله منه ونرجو الله أن يرحمهم ويدخلهم فسيح جناته ويخلف أهلهم وذويهم خيراً , ولا يخفى عليكم أن العدو يتعمد أن يتخذ مواقعه بين المسلمين ليكونوا له تروساً ودروعاً بشرية , وهنا أؤكد على إخواني المجاهدين بأن يحذروا من التوسع في مسألة التترس ويحرصوا أن تكون عملياتهم لاستهداف العدو منضبطة بالضوابط الشرعية بعيداً عن المسلمين ما أمكنهم ذلك دون أن يُعطَّل الجهاد في سبيل الله .
وإنما عداؤنا مع الحكام العملاء فهؤلاء لانطمئنهم إنما نسعى إلى إسقاطهم وإحالتهم إلى القضاء الشرعي , فكيف نطمئنهم وقد والوا أعداء الأمة وفعلوا بها الأفاعيل ؟ وكيف نطمئنهم وقد أشركوا شريعة البشر مع شريعة الله تعالى ؟ وكيف نطمئنهم والطريق إلى أوسع جبهة لتحرير فلسطين يمر عبر الأراضي الخاضعة لهم .
كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟ ولكن بعد تلك الغزوات المباركة التي أصابت رأس الكفر العالمي وفؤاده الحليف الأكبر للكيان الصهيوني أمريكا فإننا اليوم منشغلون بمصاولتها ومقاتلتها وعملاءها ولاسيما في العراق وأفغانستان والمغرب الإسلامي والصومال , وإن انهزمت وعملاءها في العراق بإذن الله فلن يبقى كثير ولا قليل لتنطلق جحافل المجاهدين كتائب في إثرها الكتائب من بغداد والأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين تعيد لنا حطين - بإذن الله - , ولن نعترف لليهود بدولة ولا على شبرٍ من أرض فلسطين كما فعل جميع حكام العرب عندما تبنوا مبادرة حاكم الرياض قبل سنوات , ولم يكتفوا بارتكاب تلك المصيبة الكبرى بل رأى الناس مؤخراً راعية المستسلمين تسوقهم متقاطرين إلى أنابوليس تمارس عليهم ما مارسه الأمريكيون على أجدادها من قبل ولكن لا ليباعوا بل ليبيعوا , وأي شيء يبيعون ؟ يبيعون القدس والأقصى ودماء الشهداء ولاحول ولاقوة إلا بالله ! عليهم من الله مايستحقون , وبذا تأكد للناس من الأمين ومن الخائن ومن الذي تحركه الأيادي الصهيونية .
أنا مازال جرح القدس في جنبيَّ يعتمل
ووقد مصابها كالنار في الأحشاء يشتعل
أنا ماخنـت عهـد الله لما خانـت الـدول
كما وأننا لن نحترم المواثيق الدولية التي تعترف بالكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين كما تحترمها قيادة حماس أو كما صرح بذلك بعض قيادات الإخوان المسلمين ، وإنما جهاد لتحرير فلسطين كلها من النهر إلى البحر بإذن الله واضعين أيدينا بأيدي المجاهدين الصادقين هناك من قواعد حماس والفصائل الأخرى الذين أنكروا على قادتهم عدولهم عن الحق ، فالدم الدم والهدم الهدم وأكرر القسم : " والله لننصرنكم ولو حبواً على الركب أو نذوق ماذاق حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه " .
وختاماً أذكر أمتي الإسلامية الغالية فأقول أيها الناس لكم عِبَرٌ كثيرة في ما مرَّ من أحداث فكفوا عن اللهو واللعب واسمعوا وعوا واستيقظوا واتعظوا , فإن الأمر كبير خطير فأين تذهبون ؟! وماذا تنتظرون ؟! فقد حمي الوطيس ولم يبقى بينكم وبين مايراد بكم كثير ولا قليل ، ولا نجاة لنا إلا بالإستجابة لأوامر الله تعالى وإجتناب نواهيه ، وإن من أعظم أوامره أن نجاهد في سبيله فينكسر الشر الظاهر ويخنس الشر الخفي ، فأدوا آماناتكم عباد الله وهبوا للقيام بواجباتكم ، ولاسيما وقد كفاكم إخوانكم في ميادين الجهاد معظم المؤونة فأنتم مهددون في كل ماتملكون في أنفسكم وعرضكم وأرضكم ومالكم ، وأهم من ذلك كله وأهم من ذلك كله أنكم مهددون في دينكم :
أصون ديني بمالي لا أبدده *** لابارك الله بعد الدين بالمالِ
والأمر جد لا هزل فيه وقد قيل أكلت يوم أكل الثور الأبيض ، فاليوم بغداد وغداً دمشق وعمان والرياض فاتقوا الله حق تقاته ولاتخشوا في الله لومة لائم ، وإن ما يريده أبناؤكم المجاهدون من مال للعتاد والقتال في سبيل الله قليلٌ يستطيعه تاجر واحد منكم يؤدي - بإذن الله - إلى هزيمة الكفر العالمي ، فإلى متى تخشون أمريكا وعملاءها ؟ أليس فيكم تاجر رشيد يتحرر من الخنوع وقيود العبيد , ويتذكر الموت والبلى فيعِدُّ الزاد ليوم المعاد , فقد ولد بلا مال وسيرحل على تلك الحال فليتق الله ويخشاه ، وليحتسب مابقي من عمره وماله لأُخراه ، وليستعن على قضاء حوائجه بالكتمان ويقتدي برسولنا عليه الصلاة والسلام ، فقد اختفى عن أعين قريش في الغار ثم هاجر سراً إلى الأنصار -رضي الله عنهم- فيرتب أموره الأمنية ويهاجر إن اقتضى الأمر للهجرة متذكراً عظم الثواب الجزيل ، ويكون سبباً في نصرة الدين وإنقاذ أمة الأمين محمد صلى الله عليه وسلم في وقت قد تداعى عليها الأعداء من كل مكان ، فأي ذخرٍ هذا وأي شرف هذا يشرفه الله به كما شرف عثمان -رضي الله عنه- وهو رجل واحد بتجهيز جيش العسرة ضد الروم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ماضَرَّ عثمانَ ما عمل بعد اليوم , ماضر عثمان ما عمل بعد اليوم " .
قال الله تعالى : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
وقال الله تعالى : (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .
وقد قيل :
فتشبهوا بالكرام إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاحُ
فدعم المجاهدين الصادقين ولا سيما في فلسطين والعراق وأفغانستان والمغرب الإسلامي والصومال هو والله مشروع الأمة كلها ، وهو خط دفاعها الأول في وجه جميع أعدائها الطامعين بها ، وفيه صلاحها في دينها و دنياها وفيه عزها وسلامتها ، ففيه أمنها على جميع المحاور , نعم فيه أمنكم العسكري وكذا أمنكم الاجتماعي وفيه أمنكم الغذائي وكذا أمنكم الاقتصادي ، ليحفظ نفطكم وثرواتكم وتسلم أموالكم التي تفقدونها وهي بين أيديكم ، بسبب ربطها الظالم المتعسف بالدولار , ودعم المجاهدين أيضاً هو مشروع الأمة لتحرير فلسطين جميعها فيبتسم الأقصى ونحرر الأسيرات والأسرى بإذن الله ، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ) , ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
VIDEO:lauramansfield
domingo, 20 de enero de 2008
domingo, 6 de enero de 2008
Adam Yahive Gadahn,'Azzam el Americano', todos los videos
Suscribirse a:
Entradas (Atom)