من هو الرجل الغامض الذي أدخل صواريخ «ستينغر» عبر تركيا الى الداخل السوري
من هو الرجل الغامض الذي أدخل صواريخ «ستينغر» عبر تركيا الى الداخل السوري
من هو الرجل الغامض الذي أدخل صواريخ «ستينغر» عبر تركيا الى الداخل السوري
برنارد ليفي انتقل من تونس الى مصر ويتجه لاحقاً الى السودان والجزائر بعد سوريا
مبعوث رئاسي فرنسي يحمل بطاقة ائتمان بأموال قطريّة مؤمن بفاعلية حلف «الناتو»
ابراهيم جبيل
ما هو سر الاندفاعة المنقطعة النظير لفرنسا، وما هي الاسباب الحقيقية لرعايتها الحنون للربيع العربي في منطقة الشرق الاوسط؟ الاجوبة باتت واضحة بعدما تركت فرنسا بصماتها تنتشر في كل مكان، وهي تسارع الى نقل معداتها من البلد فور الانتهاء من حراكه الجماهيري، لتدخل الى مكان آخر، فتنصب المعدات فيه، والهدف هو استسلام النظام، استقالة رئيسه او يسجن او يموت، ونجحت الماكنة الفرنسية في تونس ومصر وفي ليبيا، واليوم وضعت جهودها وصوّبت اهدافها الى الداخل الدمشقي، لتنتقل بعدها الى الاماكن الاخرى كما جاء في مقررات خليّة جورج بوش وجاك شيراك، ومن بعدهما استمر باراك اوباما ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي.
فالربيع العربي انطلق من هناك، عندما استسلمت فرنسا الى الواقع الاميركي بعد طول صراع وتنافر حول التدخل الاميركي في العراق، لكن الحليف الاميركي الاقوى استطاع «اقناع» حليفه الفرنسي، فاوكل جورج بوش الى كونداليسا رايس مهمة متابعة شؤون الخلية الاميركية الفرنسية، ومثله فعل الرئيس الفرنسي حيث كلف «مونتانيه» متابعة الخلية ايضا، وهكذا بدأت اعمال الخلية ونتائجها بالظهور في منطقتنا، وكان القرار1559 هو اول النتاج.
} ينشط على الجبهة المعارضة للنظام في سوريا }
وكي لا نغوض كثيراً في التاريخ، نعود الى العام الحالي، حيث بدأت في مطلعه اولى الانتفاضات العربية في تونس، وبدأ الظهور الفرنسي على مسرح الاحداث وسط ظهور اميركي واضح وكأن واشنطن تعمدت ان تمشي خلف باريس، وتجلى هذا التفاوت في الاقدام والطحشة اثناء الاشتباكات الليبية – الليبية وفي الغارات النوعية والمدروسة للناتو، وفي الظهور المفاجئ للرجل الغامض برنارد هنري ليفي مع سطوع نجمه في السماء الليبية وفوق «مدينة بنغازي» التي كانت لها الوظيفة الحاسمة في قيام النظام الليبي الجديد ومنها انطلق الثوار، الى «تحرير» بلادهم وهي شهدت اكبر حشد دولي وعربي، واستمرت عاصمة الثوار حتى سقوط معمر القذافي. واليوم ينشط الرجل الغامض، برنارد هنري ليفي على الجبهة المعارضة للنظام في سوريا، فمن هو هذا الرجل وكيف تسلق ووصل الى مركز القرار الفرنسي ؟ ولان الرجل يصنع الثورات العربية، لا بد من القاء الضوء على مسيرته التي استقيناها من المدونات المختلفة والمليئة بالصور التي تفضح نشاطه التحرري. فالرجل ولد من عائلة جزائرية يهودية ثرية، انتقل مع عائلته الى باريس حيث درس في جامعاتها، واشتهر لاحقا كصحفي وكناشط سياسي، وهو عمل مراسلاً حربياً في بنغلادش اثناء انفصالها عن باكستان، ومن ثم اسس مع يهوديين آخرين معهد «لفيناس» الفلسفي في القدس المحتلة بعد ان ورث عن ابيه اموالاً فاقت الـ750مليون فرنك فرنسي.
} اقتحام الاليزه }
واستطاع ليفي اقتحام الايليزيه بعد مجيء نقولا ساركوزي خلفاً لجاك شيراك، وحلّ مكان الديبلوماسي «مونتانيه» في متابعة خلية اوباما – ساركوزي التي اسسها الرئيسان جورج بوش وجاك شيراك، وفي ظل التراجع الاميركي في التعاطي بملفات المنطقة وتحديدا بعد الاحباطات في العراق، تبوأ الرئيس الفرنسي المركز المتقدم، واستطاع ان يفرض الايقاع الفرنسي على التطورات والاوضاع اللبنانية والسورية، وهو كان من صنّاع اتفاق الدوحة بين اللبنانيين بعدما سمح وتغاضى عن احداث 7 ايار، ومن ثم استقبل الرئيس السوري بشار الاسد في شوارع الشانزليزيه امام اعين اكثر من اربعين رئيساً وملكا عربيا ودوليا.
ولان النظام الرئاسي الفرنسي يسمح للرئيس بان يتولى وزارتي الدفاع والخارجية، كرئيس اعلى لهاتين الوزارتين، اوكل ساركوزي المهمات العسكرية والامنية والخارجية لبرنارد هنري ليفي، خصوصا المهمات ذات الصلة بالحراك في الكيانات العربية، وفيما كان الاميركيون شبه غائبين عن الثورات العربية كي يبتعدوا عن الاحراجات في ظل الهواجس الاسرائيلية التي لم تتوقف عن طلب الضمانات للدولة العبرية من الاميركان في ظل المجهول الاتي ليحل مكان الانظمة المتداعية. هنا لعب ليفي المفتون جداً بالناتو، دوراً محورياً في رسم السيناريوات الانقلابية وفي ارسال الاشارات الى دولة اسرائيل وهو المعجب بديموقراطيتها وبديمقراطية جيشها.
وثورة بعد ثورة اثبت ليفي مقدرة خارقة في تحريك الجماهير، وهو استعمل رموز الثورات حتى الاخير، فالبوعزيزي صناعة تونسية اصبحت ايقونة عربية، واستطاع ايضا ادخال سلاح الانترنت والاتصالات الى المعركة، فتحلقت الجماهير حول الشاشات تنشد اسقاط النظام، ويوما بعد يوم نجح الفيلسوف اليهودي B.H.L في زعزعة الانظمة عبر الثورات المتنقلة، وتنقل بين تونس والقاهرة الى ان حط الرحال في بنغازي، فاخرج هناك من الارشيف علم ليبيا القديم ليرفعه الثوار لاحقا في هجومهم الميداني على كتائب القذائفي، فيما كانت طائرات الناتو التي حضرت بناء على مناشدات ليفي تدك المواقع العاصية والمستحيلة من امام هجمات الثوار.
وعندما سقطت طرابلس واستسلم القذافي لمصيره المشؤوم بين ايدي الثوار، غادر ليفي الاراضي الليبية بعد ان فكك معداته لينتقل سريعا الى الحدود التركية السورية، فهناك تختلف الحكاية، ويلزمها سيناريو مختلف عما سبقه في بلدان اخرى، فالرجل الغامض، القادم الى سوريا للخربطة والتغيير بقرار فرنسي واوروبي واميركي، يحمل «كارتاً ازرقا» مصرفياً بأرقام لا متناهية، فبطاقة الائتمان خاصته مفتوحة على القيمة المالية التي ينوي دفعها، وطالما ان قطر هي السدادة فلا مشكلة امامه ان في الدفع او في القبض، طالما ان الحركة المالية هي في خدمة الأهداف المرسومة.
} جاهز لتغيير المسيرة في سوريا }
فالرجل الغامض، القادم الى ربوعنا، خبير في شؤوننا وفي العلاقات الطائفية والمذهبية للكيانات العربية، اضافة الى دراسته الشاملة للعشائر والعائلات الممتدة في ربوع اكثر من دولة عربية، اضافة الى كل ذلك، فان ليفي خبير ايضا بالادارة الفرنسية، وهو يعرف تماماً صلاحياته كمندوب رئاسي فرنسي، يجول في مناطق المعارضة للانظمة، وهو اختبر سابقاً الكومندوس الذي ارسلته فرنسا الى ليبيا، وهو مؤلف من قادة الجيوش المختارة تأتمر بالاليزيه من دون المرور بالمؤسسة العسكرية الفرنسية، وهكذا اصبح برنارد هنري ليفي شبه قائد عسكري لفريق «Elite» العسكري من ذوي النخبة، هذا الفريق الذي نجح في ليبيا وهو جاهز اليوم لاكمال المسيرة التغييرية في سوريا وفي السودان لاحقا ومن بعده الجزائر، وهكذا دواليك حتى تنتهي المخططات الدولية.
} اصابع ليفي وراء خدام }
ولأن لسوريا خصوصية تاريخية وجغرافية، بدأ ليفي ورشته منذ ان فتح ابواب «الاوديون» في العاصمة الفرنسية للمعارضة السورية، وذلك قبل نشوء ما يسمى المجلس الوطني، واستعمل كل الاساليب التي يمتلكها خصوصاً انه يتمتع بالفكر وبالحسابات المالية المليئة اضافة الى شبكة واسعة من العلاقات والاتصالات، فالرجل يمتلك الهواتف الخلوية والثريا والارضية اضافة الى مكاتب خاصة به في باريس والمغرب، اميركا وتركيا، وفيما كان عبد الحليم خدام ، النائب السابق لرئيس الجمهورية السورية، يقيم في فيلا سعيد شارع فوش في باريس، وممنوع عليه ممارسة الأعمال السياسية، وعدم الادلاء بأية تصريحات صحافية، واذ فجأة فتحت خطوط هواتفه، وتوافد الصحافيون الى فيلته، فتبين ان اصابع ليفي وراء انطلاقة خدام المعترضة والمعارضة للنظام.
وليفي مؤمن جداً بالناتو، فهو دعا قواته للتدخل في يوغوسلافيا سابقاً وفي عدد من الدول التي شهدت الاضطرابات والحروب، وصولاً الى ليبيا، واليوم يعتقد ان الحدود التركية السورية ارضاً صالحة للانطلاق الى الداخل السوري، وهو يسعى جاهداً لاحداث اي خرق حدودي مع سوريا: آملاً ان ينجح في انشاء المنطقة العازلة، ولأجل هذا الطموح، نجح في اقناع باريس وعواصم صنّاع القرار بإدخال صواريخ «ستينغر» المحمولةلتوزيعها على الثوار بعد تهريبها الى الداخل عبر الحدود التركية، وفي المعلومات ان طائرات شركة CORSE – AIR الفرنسية هي التي تنقل الصواريخ الى منطقة كيليكيا ومن هناك تهرّب بواسطة سيارات صغيرة لتصل الى الثوار.
} الصواريخ السورية البعيدة المدى }
ولمن فاته عن فعالية هذه الصواريخ، عليه العودة الى افغانستان اثناء الوجود الروسي فيها، حينها سارعت واشنطن الى توزيع «الستينغر» على الافغان العرب وشكلت هذه الصواريخ عاملاً حاسماً في نتائج المعركة خصوصا انها عطلت حركة الطيران المروحي فوق تجمعات الافغان العرب، فلأجل هذه الفعالية يتطلع ليفي الى انتشار الصواريخ في الداخل السوري مقدمة لإنشاء المنطقة العازلة، لكن ليفي يجهل او لا يدري بأن سوريا تعتبر السيادة هي من ارفع القيم الوطنية التي تقاتل من اجلها، وهي زرعت الألغام على طول الحدود اضافة الى جهوزية كاملة لشن الحرب الشاملة التي تنطلق منها عوامل النجاح لأية منطقة عازلة في الداخل. والسوريون لا تعنيهم اية منطقة عازلة خارج حدودهم، ان في الاردن ام في تركيا، اما في الداخل، فليطمئن ليفي والمجتمع الدولي بأن الدول المجاورة ستكون في مرمى الصواريخ السورية البعيدة المدى.
وينتظر برنارد هنري ليفي بفارغ الصبر الانتهاء من اعماله السوداء في سوريا لينتقل من بعدها الى السودان، فهناك منطقة مصرية سودانية تعتبر سهل العالم الخصيب، حيث شركة Chiffron الأميركية للانتاج الزراعي تعمل فيها، ولأن ليفي سبقت افضاله ووصلت الى هناك، عندما كان يدعو الناتو لضرب دارفور وانهاء أزمتها وفق الرؤية الغربية، فان السودان مقبل على خربطة يقوم بها ليفي وشركاه الدوليين، كما ان الجزائر لها الحصة المحفوظة في أجندة ليفي، فالمنطقة «الامازيفية» حيث يعيش البربر تنتظر من ليفي ان يحرك لها المشاعر الأتنية الانفصالية.
وفي الختام، لن يجد المراقبون اية صعوبة للجواب عن سرّ الاندفاعة المنقطعة النظير لفرنسا، خصوصا اذا اكتشف هؤلاء حقيقة وهوية المبعوث الرئاسي الفرنسي المفكر اليهودي برنارد هنري ليفي المؤمن جداً بالديموقراطية التي يتمتع بها جيش العدو الاسرائيلي. ي
الديار
No hay comentarios:
Publicar un comentario