المذكرة التي قدمها الإدعاء العام في المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أظهرت أن المحاكمة، منذ يوم انطلاقتها يمكن أن تمتد على مدى سنة على الأقل.
وقال المدعي نورمن فاريل في الوثيقة المؤرخة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر ان "الادعاء يريد استدعاء 557 شاهدا وان اجمالي الوقت لتقديم عناصر اتهام يقدر ب457 ساعة".
وأشار الى تقديم 13170 دليلاً مدرجاً في قائمة البينات.
نشرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على موقعها الإلكتروني النسخة العلنية المموّهة عن المذكرة التمهيدية التي أودعها مكتب الادعاء أمام قاضي الإجراءات، والتي قدّم فيها 13170 دليلاً على ضلوع سليم العياش، ومصطفى بدرالدين، وحسين عنيسي وحسن صبرا بتهمة التحضير وتنفيذ عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وتعرض المذكّرة التمهيدية المؤلّفة من 58 صفحة تفاصيل المزاعم والتّهم الواردة في قرار الاتهام. وتتضمّن بالنسبة إلى كلّ تهمة واردة في القرار ملخّص الأدلّة التي يعتزم المدعي العام تقديمها عن ارتكاب الجريمة ونوع المسؤولية التي يتحملها كل متهم ورد اسمه في الادعاء.
واستناداً لموقع المحكمة الدولية الإلكتروني، "حملت المذكّرة التمهيدية والمستندات المرتبطة بها صفة السرّية، فيما تخضع قائمة الشهود وقائمة الأدلة للسريّة التامة ما لم يقرّر القضاة خلاف ذلك" وأن المدة التي سيستغرقها الادعاء لعرض قضيته وأدلته ستصل إلى 457.5 ساعة.
وفي مقدمة المذكرة، أشار مكتب الادعاء إلى أنه "في الرابع عشر من شباط 2005، في شارع ميناء الحصن في بيروت، وأثناء عودة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق بهاء الدين الحريري وموكبه الأمني إلى منزله في قصر قريطم بعد جلسة للبرلمان، أقدم انتحاري على تفجير كمية كبيرة من المتفجرات مخبأة في سيارة فان ميتسوبيشي متوقفة إلى جانب الطريق. وأدى الانفجار إلى مقتل الحريري و21 شخصاً آخرين وإصابة 226 شخصاً بجروح".
أضاف "وبعد فترة قصيرة من الهجوم الإرهابي، وصل إلى مكتب قناة "الجزيرة" الإخباري في بيروت شريط فيديو مرفق برسالة من رجل يدعى أحمد أبو عدس يزعم فيها زوراً أنه المفجّر الانتحاري نيابة عن مجموعة متطرفة غير موجودة تسمى "مجموعة النصرة والجهاد في سوريا الكبرى". وبثت الجزيرة الشريط".
ولفت مكتب الادعاء الى أن "اغتيال الحريري كان تتويجاً لتحضيرات مكثفة قامت بها مجموعة من الأشخاص تملك إما مهارات تقنية وأو خبرات، وعملت معاً من أجل ارتكاب هذا الاعتداء الإرهابي".
وتابع "لقد كانت هناك خلال فترة لا تقل عن 50 يوماً عمليات مراقبة دقيقة لكل الأماكن المرتبطة بالحريري بدأت على أقل تقدير في 20 تشرين الأول 2004 حتى يوم تنفيذ الاعتداء في 14 شباط 2005".
أضاف مكتب الادعاء أن "بدرالدين رصد بالاشتراك مع عياش ونسّقا المراقبة لمنازل الحريري، البرلمان وساحة الجريمة النهائية، كما راقبا تحركات الحريري. وأكثر من ذلك، فإن بدرالدين رصد ونسق مع عياش شراء سيارة الفان الميتسوبيشي التي استعملت كسيارة مفخخة حملت ما يعادل 2500 كيلوغرام من مادة تي أن تي لتنفيذ الاعتداء. وبعد كل هذا التحضير، نسّق عياش طريقة تنفيذ الاعتداء على الحريري الذي رصده بدرالدين. أما عنيسي وصبرا، فقد اشتركا في عملية تحديد الشخص المناسب الذي سيستخدم في تصوير شريط الفيديو الذي يزعم فيه زوراً مسؤوليته عن تنفيذ الاعتداء، والتأكد من تسريبه إلى وكالات الأنباء فوراً بعد الاعتداء".
وقال مكتب الادعاء "أما بالنسبة للأدوار المحددة لكل من المتهمين في التحضير وتنفيذ الاعتداء الإرهابي، فإن بدرالدين رصد، ونسق بالاشتراك مع عياش جميع التحضيرات لتنفيذ الاعتداء الإرهابي بما في ذلك رصد مساكن الحريري، البرلمان وساحة الجريمة النهائية، من بين أماكن أخرى، ومراقبة تحركات الحريري وشراء سيارة الفان الميتسوبيشي التي استخدمت كسيارة مفخخة لتنفيذ الاعتداء. كما أن بدرالدين رصد تنفيذ الاعتداء من قبل فريق القتلة. وبالإضافة إلى تنسيق التحضيرات للهجوم الإرهابي مع بدرالدين، نسّق عياش تنفيذ الاعتداء".
وتابع "أما عنيسي وصبرا، فشاركا في اختيار أبو عدس كشخص مناسب لاستخدامه في تزوير الادعاء بالمسؤولية عن الهجوم. كما شارك عنيسي في عملية إخفاء أبو عدس. وبعد تنفيذ الهجوم، شارك عنيسي وصبرا في بيانات تزعم زوراً مسؤولية الاعتداء، وضمان أن يتم تسليم الشريط والرسالة التي تتضمن الاعتراف بالمسؤولية زوراً إلى قناة الجزيرة وأن تقوم الجزيرة بنشر الشريط".
وتتضمن المذكرة أيضاً توصيفاً للبيانات الفردية لكل من المتهمين وارتباطهم بالأسماء الوهمية والمزورة التي استخدموها، بما في ذلك الأعمال التي يقومون بها كامتلاك بدرالدين "لمحل مجوهرات معروف باسم سامينو، إلى جانب مركب يحمل الاسم نفسه وشقة في منطقة ساحل علما في جونيه كان يستخدمها للترفيه عن أصدقائه".
وأشارت المذكرة الى أن بدر الدين دخل الى الجامعة الأميركية- اللبنانية في بيرون، في العامين 2002 و2004 في محاولة لنيل شهادة بالعلوم السياسية، وكان معروفا باسمين سامي عيسى وصافي بدر.
وقد طلب سامي عيسى من "زميل" له في الجامعة الإستحصال على شهادة جامعية لشخص يدعى مصطفى بدر الدين ، موجود في الخارج.
وقد تعرف هذا الشخص على أن سامي عيسى هو نفسه مصطفى بدر الدين.
وكشفت المذكرة ان بدر الدين كان يستعمل ايضا اسم الياس فؤاد صعب.
ولفتت المذكرة الى أن مصطفى بدر الدين الذي دخل الى الكويت باسم الياس فؤاد صعب في العام 1984، حيث حضر هناك لعمليات إرهابية عدة، بينها واحدة بواسطة انتحاري، كتلك التي عاد فحضرها في لبنان للرئيس رفيق الحريري
ولم تعتبر المذكرة أن المتهمين الأربعة ينتمون الى "حزب الله" بل اعتبرتهم مناصرين لهذا الحزب
وسرد مكتب الادعاء الأدلة التي يمتلكها حول شبكة الهواتف الخليوية التي استخدمت أثناء عمليات رصد منازل الحريري وتنقلاته، بما في ذلك حركة الاتصالات بين هذه الهواتف، ذاكراً ارقامها مع الإشارة إلى أصحابها برموز، استناداً إلى سرية الشهادات والتحقيقات.
وفي مجال توصيفه لـ"المؤامرة"، قال مكتب الادعاء إن "المتهمين توافقوا بين بعضهم ومع آخرين لم يتم التعرّف إليهم، بمن فيهم فريق القتلة وشخص يحمل الرمز S15، لارتكاب عمل إرهابي من خلال استخدام متفجرات بهدف اغتيال الحريري. والتاريخ المحدد الذي توافق فيه المتهمون أو انضموا فيه إلى المؤامرة، ليس أكيداً. إن الادعاء يبرهن أن التصرفات الوارد تفصيلها لاحقاً، تبرهن أن بدرالدين وعياش وأعضاء فريق القتلة كانوا أعضاء مبكرين في المؤامرة، وأن عنيسي وصبرا وS15 انضموا إلى المؤامرة في وقت لاحق. والأدلة التي بحوزة مكتب الادعاء تبرهن أن جميع المتهمين توافقوا على ارتكاب الاعتداء الإرهابي منذ 16 كانون الثاني 2005 على أقل تعديل".
وعلى صعيد التحضير للاعتداء الإرهابي، قال مكتب الإدعاء إنه "منذ 20 تشرين الأول 2004 على أقل تقدير، وهو اليوم الذي قدّم فيه الحريري استقالته كرئيس للوزراء، وبشكل مستمر حتى يوم تنفيذ الاعتداء، كان هناك ما لا يقل عن 50 يوماً من الرصد والمراقبة. ومن خلال مراقبة الأماكن المتصلة، كما لتحركات الحريري وتحركات أفراد فريقه الأمني، حدد بدرالدين وعياش وفريق القتلة المكان المناسب الأفضل وطريقة تنفيذ الهجوم، الذي نفّذوه لاحقاً في 14 شباط 2005".
وأشار مكتب الادعاء إلى أن الفريق الأمني للحريري يتضمن "فريقاً مدنياً للحماية القريبة، وفريقاً للحماية من قوى الأمن الداخلي، يعمل كل منهما برئاسة قائد مختلف. وبعد استقالة الحريري كرئيس للوزراء في تشرين الأول 2004، تم تقليص فريق الحماية المخصص له من قوى الأمن الداخلي من 40 عنصراً إلى ثمانية عناصر".
وتابع مكتب الادعاء "أن رئيس الفريق الأمني الكامل، قرر أن يسلك موكب الحريري الطريق المعينة وأبلغ ذلك إلى ... (تم تمويه هذه الفقرة)".
ويؤكّد الادعاء أن "بدر الدين وعياش كانا منذ 11 كانون الثاني 2005 ينسقان عملية رصد ومراقبة مكثّفة تضمّنت ما لا يقل عن 30 يوماً من المراقبة المستمرة".
ويضيف "في 11 كانون الثاني 2005، زار عياش منطقة البداوي في طرابلس حيث توجد معارض للسيارات بما فيها المعرض الذي تم شراء سيارة الفان الميتسوبيشي منه في 25 كانون الثاني 2005 بمبلغ 11250 دولاراً أميركياً دفعت نقداً، والذي استخدم كسيارة مفخخة لتنفيذ الاعتداء. ويحمل الفان رقم محرك 4D33-Jo1926 وقد تم جمع بعض القطع العائدة للفان من موقع التفجير من ضمنها قطعة من المحرك تحمل الرقم الخاص بمحرك فان الميتسوبيشي".
واعتبر الادعاء "أن تورط عياش وبدرالدين في شراء فان الميتسوبيشي إلى جانب باقي التصرفات المذكورة لاحقاً، هو برهان على صفتهما كمتآمرين وفقاً لما ورد في الفقرة الأولى من ورقة الاتهام، ونيتهما الإجرامية وفقاً لما ورد في الفقرات 2 إلى 5 من ورقة الاتهام".
وفي إطار عملية التحضير لتنفيذ الاعتداء الإرهابي، قال الادعاء إنه في الوقت الذي كان فيه بدرالدين وعياش ينسقان ويراقبان عمليات الرصد والمراقبة ويتخذان الخطوات العملية لشراء سيارة الفان الميتسوبيشي، كان عنيسي وصبرا يتابعان خطواتهما لتحديد الشخص الغريب المناسب الذي سيستخدم للإدلاء بمسؤولية الاعتداء زوراً. وقد اختارا أبو عدس، وشارك عنيسي لاحقاً في عملية إخفاء أبو عدس إضافة الى تورط S15 في التحضير للزعم زوراً بمسؤولية الاعتداء، كما كان يعمل كصلة تواصل بين عياش وعنيسي وصبرا".
وعن تنفيذ الاعتداء، يضيف مكتب الادعاء "في 14 شباط 2005، أخذ عياش وأعضاء فريق القتلة مراكز تمكنهم من رصد ومراقبة موكب الحريري في قصر قريطم، والبرلمان وطريق عودته حتى منطقة فندق السان جورج، ما سمح لهم بتنفيذ الاعتداء".
وإذ يسرد الادعاء تفاصيل الاتصالات الهاتفية الخلوية التي كانت تتم بين منفّذي الهجوم الارهابي الذي اودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتقسيم هذه الهواتف إلى شبكات تحمل الألوان الحمراء، الخضراء، الزرقاء، الصفراء، الأرجوانية والهواتف الخلوية الشخصية، يغوص في مقاطع تم تمويهها للمحافظة على السرية المطلوبة في المعلومات والتحقيق والمحاكمة، لكي يفسّر عمل كل شبكة والهواتف العائدة لكل من المخططين والمنفّذين وارتباطهما بالعمل الإرهابي
أرقام الهواتف
كشف الادعاء في ملحق النسخة المموّهة من المذكّرة، أرقام الهواتف الخلوية التي يشتبه بأن المتهمين الأربعة (سليم عيّاش، أسد صبرا، حسين عنيسي، ومصطفى بدر الدين) قد استخدموها، والتي سبق أن وزّعها في قرار الاتهام على الشبكات: الحمراء والزرقاء والصفراء والأرجوانية. وبيّن أن الأرقام التي استخدمت ضمن الشبكة الحمراء هي: 03/292572 03/478662-03/129652 03/125636-03/127946 03/129893-03/123741 03/129678
كذلك كشف الرموز الخاصة بهذه الأرقام.
أما الشبكة الخضراء فتضمّنت ثلاثة أرقام هي: 03/140023 03/150071-03/159300
وأشار الى أنها استخدمت للإشراف على الاعتداء وتنسيقه واستخدمت حتى ساعة واحدة قبل الاعتداء.
أما أرقام الشبكة الزرقاء التي استخدمت للتحضير للاعتداء ومراقبة الحريري، فقد تضمنت:
03/067324 - 03/197610 03/043585 - 03/071233 03/067322 - 03/079501 03/071235- 03/198864 03/198940- 03/020967 03/196742- 03/193428 03/196813- 03/846965 03/197817
وكرّر الإدعاء في مذكّرته ما أشار اليه في قرار الاتهام لجهة أن الشبكة الأرجوانية كانت مفتوحة واستعملت استعمالاً عادياً.
أما الشبكة الصفراء التي استعيض عنها مع الوقت بالشبكة الزرقاء فتضمنت: 03/205294 03/345457-03/971933 03/712024
ونسب الادعاء كل رقم من الأرقام الى متّهم معيّن.
الى ذلك، بيّن الادعاء أن المتهمَين عيّاش وبدر الدين تواجدا في 18 كانون الثاني 2005 قرب الجامع الكبير الذي كان ينوي الحريري أداء صلاة العيد فيه. ولم يكشف في النسخة المموّهة أي معلومات متعلّقة بالضحايا والشهود والمحقّقين باعتبار أن القانون يحميهم بموجب نظام خاص منعاً لتعريضهم لأي خطر.
ولفت الإدعاء العام الى أن أحد تلفونات مصطفى بدر الدين استعملته ابنته زهرة لمرحلة من الزمن، كما أن هواتفه كانت تضم أسماء مرافقيه ومسؤولين في حزب الله وصديقاته وزملاء له في الجامعة.
وفي أحد التلفونات تظهر الإتصالات بين حامله وهو مصطفى بدر الدين وبين زوجته فاطمة حرب التي كانت في المملكة العربية السعودية مع ابنها.
في الثانية من فجر 15 شباط 2005، بعد الجريمة، بعث مصطفى بدر الدين من التلفون الموجود على اللائحة الزرقاء رسالة قصيرة الى إمرأة كتب لها فيها: ستحزنين كثيرا إن عرفت أين كنت .
وتبين المذكرة ان العنيسي هو صاحب إسم محمد الذي تعرف على أحمد أبو عدس، طالبا منه تعليمه الصلاة
وفق المذكرة بقي مصطفى بدر الدين في محيط مسرح الجريمة حتى العاشرة والنصف ليلا
No hay comentarios:
Publicar un comentario