تضمنت الدفعة الأخيرة من الوثائق الامريكية السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" تفاصيل اتصالات ولقاءات بين مسئولين مصريين وأمريكيين خلال الفترة من 2008 إلى عام 2010.
وتتناول هذه الاتصالات والبرقيات المنشورة على موقع ويكيليكس آراء ومواقف مصرية رسمية من بعض القضايا الدولية والإقليمية مثل: الصراع العربي الإسرائيلي والانسحاب الأمريكي من العراق، فضلا عن البرنامج النووي الإيراني، لم يصدر بشأنها حتى مساء الثلاثاء 30-11-2010 اي رد فعل مصري رسمي.
وتكشف هذا الوثائق السرية بشكل خاص عن نصيحة مصرية لبعض المسئولين الأمريكيين ب"عدم انسحاب القوات الأمريكية من العراق لمنع زيادة نفوذ إيران"، بالإضافة إلى "تجنيد مصر عملاء" في كل من العراق وإيران، كما ذكرت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي أن مصر تتعاون مع إسرائيل مخابراتيا في الكشف عن تحركات "الإسلاميين" عبر الحدود مع غزة.
وحول الشأن الفلسطيني، ذكرت الوثائق أن إسرائيل تشاورت مع مصر والسلطة الفلسطينية "قبل" بدء حربها على قطاع غزة نهاية عام 2008 بشأن من يتولي السيطرة على القطاع بعد هزيمة حماس، وذكرت الوثائق أن الجانبين رفضا طلب إسرائيل بدعم العدوان، إلا أنهما لم يقطعا خلال فترة العدوان "الحوار" مع تل أبيب.
وفيما يلي رصد تجميعي وترجمة نصية أجرته شبكة "أون إسلام" لأهم المقتطفات الواردة من البرقيات الصادرة من السفارة الأمريكية بالقاهرة بخصوص مواقف مصر من قضايا عدة، والتي نشرها موقع "ويكيليكس" حتى الآن:
1- في برقية "عالية السرية" برقم (08CAIRO1067) بتاريخ 27 مايو 2008 كتبت مارجريت سكوبي السفيرة الأمريكية بالقاهرة عن مقابلة جرت بين نواب بالكونجرس مع الرئيس المصري حسني مبارك ونجله (جمال) ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان جاء فيها:
* عند سؤال من نواب أمريكيين للرئيس مبارك عن رأيه في وضع جدول زمني لانسحاب الجيش الأمريكي من العراق قال: "لقد نصحت سابقا نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ومسئولين أمريكيين ألا يقواموا بغزو العراق.. لكن لم يستمع أحد.. أما الآن فسوف يكون من الخطأ أن تنسحبوا من العراق على الفور و إلا ازداد نفوذ إيران فيها".
وأشار إلى أن أفضل خطة هي أن تقوم واشنطن بـ"تقوية الجيش العراقي" ثم تخفيف القبضة عليه فيخرج من الجيش انقلاب عسكري بقيادة "ديكتاتور عادل"، وأضاف مبارك: "انسوا الديمقراطية فإن العراقيين طبيعتهم شديدة".
* وسأل أحد نواب الكونجرس مبارك عما إذا كانت مصر سوف ترسل سفيرا لها في العراق، لكن مبارك أجاب "لا أستطيع القيام بذلك الآن.. عندما يكون هناك استقرار سوف أفعل.. لكنني لا أستطيع إجبار المدنيين على الذهاب".
* وبسؤال آخر لمبارك عن رد فعل مصر في حال تطوير إيران تصنيع سلاح نووي، قال مبارك إن أحدا لن يقبل بإيران نووية "كلنا مرعوبون". وذكر مبارك أنه حين تحدث مع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، نصحه بإخبار الرئيس نجاد بألا "يستفز الأمريكيين" في الملف النووي حتى لا يجبرهم على قصف إيران. وأضاف مبارك "مصر ربما تجبر على البدء في برنامجها النووي التسلحي إذا ما نجحت إيران في امتلاك القدرة النووي".
2- في برقية "سرية" من السفارة الأمريكية بالقاهرة حملت رقم (08CAIRO9) بتاريخ 2 يناير 2008 عن لقاء رئيس المخابرات المصري عمر سليمان بالسيناتور الأمريكي جورج فوينوفيتش جاء فيها:
* بخصوص المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قال سليمان لفوينوفيتش إنه متفاءل، مع تأكيده أن هناك تقدم كبير في المفاوضات. ومع ذلك سليمان كان معني بالحديث عن الانتقادات الإسرائيلية المستمرة لمصر حول جهود مكافحة تهريب الأسلحة لقطاع غزة. وحول العراق قال سليمان إن على الحكومة العراقية تعديل دستورها مؤكدا أن رئيس الوزراء نوري المالكي لا يتعامل مع العراقيين بـ"صورة طائفية".
* واعتبر سليمان أن أي قرار سلمي لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سيكون بمثابة "ضربة كبيرة" للمنظمات الإرهابية التي تستخدم الصراع ذريعة، ولهذا السبب يلتزم الرئيس مبارك بإنهاء الصراع الذي وصل لـ"طريق مسدود".
* وقال إن "حماس معزولة سياسيا وغير قادرة على تعطيل الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لكنها لا تزال راسخة في غزة ولم يوضح تقديره حول متي سوف تستمر سيطرة حماس على القطاعط.
وأشار سليمان إلى أنه إذا تمت المفاوضات بنجاح بين الطرفين ستضطر حماس إلى التنازل عن السلطة في غزة خلال 3-4 شهور، ثم قال: "خلاصة القول بالنسبة لحماس سوف يجبروا على الاختيار بين أن تبقي حركة مقاومة أو أن تنضم للعملية السياسية لكن الاثنين معا لا يمكن".
* سليمان قال لفوينوفيتش أيضا إن المنطقة العربية تمر "بمنعطف ولحظات حرجة"، مؤكدا على أن مصر شريكة للولايات المتحدة الأمريكية.. في بعض الأحيان لدينا خلافات لكن مصر سوف تواصل تقديم خبراتها بشأن القضايا الإقليمية الحرجة مثل لبنان والعراق.
3- برقية "عالية السرية" برقم ((08CAIRO1637 بتاريخ 21 يوليو 2008 كتبت مارجريت سكوبي حول مقابلة جرت بين السيناتور الأمريكي جون كيري والرئيس مبارك:
* جاء على لسان مبارك خلال اللقاء: "لم ترض أي دولة عربية بالدخول في تحالف عسكري رسمي مع الولايات المتحدة ضد إيران خوفا من الانتقام الإيراني"، "هذا مع إيمان مبارك- والحديث لسكوبي- بأن الإيرانيين كاذبون ويدعمون الإرهاب و لكنه لا يستطيع التصريح بهذا علنا لأن ذلك سوف يخلق موقفا دبلوماسيا خطيرا".
* وردا على استفسار للسيناتور كيري حول الوضع في السودان، قال مبارك: "تعمل مصر على حل قضية السودان، لكن في هدوء"، وأشار إلى محاولات مصر لمساعدة الشعب السوداني من خلال المستشفيات المصرية المنتشرة في السودان والجهود التي يبذلها عمر سليمان لتقديم المشورة بشأن مفاوضات الشمال والجنوب.
* وبشأن العراق سأل كيري مبارك ما إذا كان من الممكن أن يغير الرئيس المصري من رأيه عن المالكي خاصة بعد نجاح جهود الاستقرار في مدينتي البصرة والصدر، قال مبارك "أنا لا أنزع للانتقاد.. لقد جاء المالكي للقاهرة وأعطيته رقم هاتفي لكنه لم يتصل"، وأشار إلى أن مصر عرضت استضافة وتدريب القوات العراقية إلا أن هذا العرض لم يرد عليه العراقيين.
وأكد مبارك على أن "الولايات المتحدة لا يمكن أن تنسحب من العراق حتى يتم تعزيز القوات المسلحة والشرطة.. حتى ذلك الحين على واشنطن البقاء".
* وحول السلام في الشرق الأوسط قال مبارك إنه يرى تقدما كبيرا بين سوريا وإسرائيل لكنه لا يتوقع أي تقدم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وقال "الفلسطينيون يتنازعون فيما بينهم.. حماس والفصائل الأخرى سترفض أي اتفاق بواسطة أبو مازن".
4- برقية "متوسطة السرية" برقم (09CAIRO746) بتاريخ 30 أبريل 2009 كتبتها سكوبي عن مقابلة جرت بين مايكل مولين رئيس أركان الجيش الأمريكي وعمر سليمان الذي اعتبر أن دوره الأساسي هو مناهضة التطرف في غزة وإيران والسودان:* عرض سليمان رؤيته حول المصالحة الفلسطينية قائلا: "قطاع غزة في أيدي متطرفين ولهذا لن يكون أبدا هادئا".. "التطرف في غزة يشكل خطرا على الأمن القومي المصري".. "يجب على السلطة الفلسطينية أن تعود لغزة قبل انتخابات يناير 2010 لكنها لن تستطيع دون موافقة حماس".* وقال سليمان: "إيران شديدة النشاط داخل مصر وتمد حركة حماس بنحو 25 مليون دولار شهريا، لكن الحكومة المصرية نجحت في اعتراض الدعم المالي من الدخول لغزة، وقد حاولت إيران دفع رواتب كتائب القسام أكثر من مرة لكن اعترضتها مصر".وأعرب سليمان عن أمله في أن تتمكن الولايات المتحدة من إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، لكنه أكد أن إيران "يجب أن تدفع ثمنا عن أفعالها".
* وذكر سليمان أن مصر بدأت "مواجهة حزب الله و إيران بعدما حاول حزب الله إنشاء أول خلية له في مصر"، كما ذكر أن مصر بدأت في تجنيد عملاء في العراق وسوريا".
* وحول الوضع في السودان قال سليمان "مصر قلقة للغاية بخصوص استقرار السودان"، مشيرا إلى أن جهوده تمركزت حول وقف دعم المتمردين ودعم المفاوضات بين الفصائل في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام الشامل، وشدد "مصر لا تريد تقسيم السودان".
* وقال سليمان في حديثه عن الوضع الداخلي في مصر : "من بعد حملة الحكومة الناجحة ضد الجماعات المتطرفة في التسعينيات لم يبق إلا جماعة الإخوان المسلمين.. والحكومة مستمرة في مساعيها لجعل الجماعة تواجه المصاعب في مصر".
5- برقية "متوسطة السرية" برقم (09CAIRO1349) بتاريخ 14 يوليو 2009 كتبتها سكوبي عن مقابلة جرت بين الجنرال بيترايوس وعمر سليمان:
* قال سليمان خلال اللقاء: "إيران استجابت لتحذيرات مصر بعدم التدخل في شئونها الداخلية وتقديم الدعم للإخوان المسلمون"، وقد تلقى سليمان رسالة من رئيس المخابرات الإيرانية أكد فيها أنهم لن يتدخلوا في شئون مصر، وبالتالي قرر سليمان إبقاء الأوضاع هادئة في إيران، مع استمراره في تجنيد عملاء داخل إيران لاستخدامهم في "الوقت اللازم" إذا ما عادت إيران للتدخل في شئون مصر.
* وأضاف سليمان: "نأمل أن تتوقف إيران عن دعم حماس والإخوان المسلمين والخلايا الأخرى.. وإن لم تفعل فنحن مستعدون لها".. "نحن مستعدون لعلاقات جيدة مع إيران في حالة أنها قررت التوقف عن دعم الإرهاب في المنطقة وعدم التدخل في شئون العرب".
* وحول المصالحة الفلسطينية قال سليمان: "المصالحة بين فتح وحماس غير واردة في الوقت الراهن لأن كل من فتح وحماس في حقيقة الأمر لا تريد المصالحة"، وقال سليمان عن نفسه "أنا أعتبر نفسي رجلا صبورا.. لكن صبري بدأ ينفذ".
* وعن اليمن، قال سليمان إن "مصر كانت تمد الرئيس علي عبد الله صالح بمعلومات حول دعم قطر وإيران للمتمردين الحوثيين"، وأشار بترايوس إلى جهود الولايات المتحدة لتحسين قدرة اليمن على مكافحة المتطرفين.
6- برقية "متوسطة السرية" برقم(09CAIRO231) بتاريخ 9 فبراير 2009 من سكوبي إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تنصحها بكيفية التعامل مع وزير الخارجية المصري أبو الغيط الذي يطلب زيارتها، ومن بين ما تنصح به:
* قالت سكوبي لكلينتون: "قولي لأبو الغيط أنك مهتمة لسماع وجهة نظر مصر في القضية الفلسطينية لأن المصريين أصبحوا يظنون منذ زمن أننا نتجاهل وجهة نظرهم بعمد أو غير عمد".
* وأضافت سكوبي "مبارك يكره حماس ككرهه للإخوان المسلمين الذين يمثلون التحدي الحقيقي له في مصر"، كما أن "مصر تنفق 23 مليون دولار ممولة من وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية لمكافحة الأنفاق مع غزة، وتريد شراء 4 أجهزة backscatter x-ray لكشف المتفجرات داخل السيارات القادمة إلى سيناء"، كما أن "مصر تتعاون مع إسرائيل مخابراتيا في الكشف عن تحركات الإسلاميين عبر الحدود مع غزة".
* وقالت سكوبي "أبو الغيط صرح إعلاميا أن مصر لا تعلم شيئا عن اتفاق أمريكي-إسرائيلي لمكافحة تهريب السلاح لغزة مع أنه تشاور مع كونداليزا رايس والسفيرة الأمريكية حول محتواه قبل ذلك، فالمصريون لا يريدون تحمل مسؤولية الفلسطينيين، كما أنهم يأملون لو استطاعوا توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل حول مشاكلهم".
* مبارك قال لجورج ميتشل- والحديث لسكوبي- إنه لا مانع لديه أن تتحدث أمريكا مع إيران "طالما (الأمريكان) لا تصدقوا أي كلمة يقولونها لأنهم كاذبون في كل ما يقولون والسوريون والقطريون أيضا كاذبون ويتملقون إيران".
* وتلفت سكوبي نظر هيلاري كلينتون إلى أن "مصر شديدة الغضب من تقلص المعونة الأمريكية التنموية من 415 مليون دولار في عام 2008 إلى 200 مليون دولار في عام 2009، ويقولون إن المشكلة ليست مادية لأن المصريين يدّعون أن مصر لا تحتاج لتلك الأموال.. لكنها شيء محرج لمصر لأن هذا يظهر صغر أهمية دور مصر لمصالح الولايات المتحدة.
* "كما أن مصر تشتكي من ثبات المعونة الحربية لمصر عند 1.3 مليار دولار منذ 30 عاما بغض النظر عن نسب التضخم، في حين أن المعونة الحربية لإسرائيل في زيادة مستمرة".
* تنصح السفيرة وزيرة الخارجية كلينتون الضغط على أبو الغيط لإطلاق سراح المعارض أيمن نور والناشط سعد الدين إبراهيم، وتؤكد سكوبي لكلينتون أن ترفض طلب أبو الغيط لرئاسة فاروق حسني لليونسكو لأنه قال –فاروق- إنه ليس لإسرائيل أي ثقافة وأن ما لديها من ثقافة مسروقة من دول أخرى".
"حرب غزة"
7- برقية "عالية السرية" برقم ((09TELAVIV1177 بتاريخ 1 يونيو 2009 صادرة من السفارة الأمريكية في تل أبيب حول لقاء سيناتور كايسي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وعضو الكونجرس أكريمان بوزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك:
* أوضح باراك أن الحكومة الإسرائيلية تشاورت مع مصر وحركة "فتح" قبل عملية "الرصاص المتدفق" بقطاع غزة، متسائلا عما إذا كانوا –مصر وفتح- فرضوا سيطرتهم على القطاع عندما تهزم إسرائيل حركة حماس؟ وأضاف باراك أن "الرد كان متوقعا.. لقد تلقينا إجابات سلبية من الطرفين".
* وأكد باراك على أهمية التشاور مع مصر وحركة فتح فيما يتعلق بعملية ترميم وإصلاح ما دمرته الحرب على غزة، ولم يتطرق باراك إلى أى اتفاقات بشأن الجندى الأسير لدى حماس جلعاد شاليط.
* عبر إيهود باراك عن رأيه بعد عدة اجتماعات مع السلطة الفلسطينية أنها "ضعيفة وتفتقد الثقة بالنفس"، مشيرا إلى أن التدريب العسكري الذي قام به الجنرال الأمريكى دايتون لعناصر من حركة "فتح" "ساعد على تدعيم الثقة بالنفس لدى هذه العناصر".
وفي رد فعل السلطة الفلسطينية على وثائق "ويكيليكس" قال كبير المفاوضين صائب عريقات: "ما نشره الموقع يثبت صدق الرئيس محمود عباس في رفضه القاطع للحرب الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على غزة".
8- برقية من السفارة الأمريكية في تل أبيب بتاريخ 1 ديسمبر 2009 على لسان عوزي آراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يتهم فيها وزارة الخارجية المصرية بالإضرار بالعلاقات بين البلدين، بسبب اقتراحها إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وأشار آراد إلى أنه يريد أن يرى نفس الموقف المصري تجاه البرنامج النووي الإيراني.
وفيما تذهب تقارير صحفية أمريكية إلى أن تسريبات "ويكيليكس" لأطنان من الوثائق العسكرية والسياسية الأمريكية ناتج عن اختراق الكتروني لأنظمة الاتصال الخاصة بالبنتاجون، لم تؤكد السلطات الأمريكية مصدر تسريب الوثائق، لكن معلومات أشارت إلى شخص يدعى "برادلي مانينج" كان يعمل في الاستخبارات العسكرية الأمريكية، وتم اعتقاله في مايو الماضي بعد نشره تسجيل فيديو لضربات جوية أمريكية أسفرت عن مقتل مدنيين في بغداد.
تضمنت الدفعة الأخيرة من الوثائق الامريكية السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" تفاصيل اتصالات ولقاءات بين مسئولين مصريين وأمريكيين خلال الفترة من 2008 إلى عام 2010.
وتتناول هذه الاتصالات والبرقيات المنشورة على موقع ويكيليكس آراء ومواقف مصرية رسمية من بعض القضايا الدولية والإقليمية مثل: الصراع العربي الإسرائيلي والانسحاب الأمريكي من العراق، فضلا عن البرنامج النووي الإيراني، لم يصدر بشأنها حتى مساء الثلاثاء 30-11-2010 اي رد فعل مصري رسمي.
وتكشف هذا الوثائق السرية بشكل خاص عن نصيحة مصرية لبعض المسئولين الأمريكيين ب"عدم انسحاب القوات الأمريكية من العراق لمنع زيادة نفوذ إيران"، بالإضافة إلى "تجنيد مصر عملاء" في كل من العراق وإيران، كما ذكرت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي أن مصر تتعاون مع إسرائيل مخابراتيا في الكشف عن تحركات "الإسلاميين" عبر الحدود مع غزة.
وحول الشأن الفلسطيني، ذكرت الوثائق أن إسرائيل تشاورت مع مصر والسلطة الفلسطينية "قبل" بدء حربها على قطاع غزة نهاية عام 2008 بشأن من يتولي السيطرة على القطاع بعد هزيمة حماس، وذكرت الوثائق أن الجانبين رفضا طلب إسرائيل بدعم العدوان، إلا أنهما لم يقطعا خلال فترة العدوان "الحوار" مع تل أبيب.
وفيما يلي رصد تجميعي وترجمة نصية أجرته شبكة "أون إسلام" لأهم المقتطفات الواردة من البرقيات الصادرة من السفارة الأمريكية بالقاهرة بخصوص مواقف مصر من قضايا عدة، والتي نشرها موقع "ويكيليكس" حتى الآن:
1- في برقية "عالية السرية" برقم (08CAIRO1067) بتاريخ 27 مايو 2008 كتبت مارجريت سكوبي السفيرة الأمريكية بالقاهرة عن مقابلة جرت بين نواب بالكونجرس مع الرئيس المصري حسني مبارك ونجله (جمال) ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان جاء فيها:
* عند سؤال من نواب أمريكيين للرئيس مبارك عن رأيه في وضع جدول زمني لانسحاب الجيش الأمريكي من العراق قال: "لقد نصحت سابقا نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ومسئولين أمريكيين ألا يقواموا بغزو العراق.. لكن لم يستمع أحد.. أما الآن فسوف يكون من الخطأ أن تنسحبوا من العراق على الفور و إلا ازداد نفوذ إيران فيها".
وأشار إلى أن أفضل خطة هي أن تقوم واشنطن بـ"تقوية الجيش العراقي" ثم تخفيف القبضة عليه فيخرج من الجيش انقلاب عسكري بقيادة "ديكتاتور عادل"، وأضاف مبارك: "انسوا الديمقراطية فإن العراقيين طبيعتهم شديدة".
* وسأل أحد نواب الكونجرس مبارك عما إذا كانت مصر سوف ترسل سفيرا لها في العراق، لكن مبارك أجاب "لا أستطيع القيام بذلك الآن.. عندما يكون هناك استقرار سوف أفعل.. لكنني لا أستطيع إجبار المدنيين على الذهاب".
* وبسؤال آخر لمبارك عن رد فعل مصر في حال تطوير إيران تصنيع سلاح نووي، قال مبارك إن أحدا لن يقبل بإيران نووية "كلنا مرعوبون". وذكر مبارك أنه حين تحدث مع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، نصحه بإخبار الرئيس نجاد بألا "يستفز الأمريكيين" في الملف النووي حتى لا يجبرهم على قصف إيران. وأضاف مبارك "مصر ربما تجبر على البدء في برنامجها النووي التسلحي إذا ما نجحت إيران في امتلاك القدرة النووي".
2- في برقية "سرية" من السفارة الأمريكية بالقاهرة حملت رقم (08CAIRO9) بتاريخ 2 يناير 2008 عن لقاء رئيس المخابرات المصري عمر سليمان بالسيناتور الأمريكي جورج فوينوفيتش جاء فيها:
* بخصوص المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قال سليمان لفوينوفيتش إنه متفاءل، مع تأكيده أن هناك تقدم كبير في المفاوضات. ومع ذلك سليمان كان معني بالحديث عن الانتقادات الإسرائيلية المستمرة لمصر حول جهود مكافحة تهريب الأسلحة لقطاع غزة. وحول العراق قال سليمان إن على الحكومة العراقية تعديل دستورها مؤكدا أن رئيس الوزراء نوري المالكي لا يتعامل مع العراقيين بـ"صورة طائفية".
* واعتبر سليمان أن أي قرار سلمي لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سيكون بمثابة "ضربة كبيرة" للمنظمات الإرهابية التي تستخدم الصراع ذريعة، ولهذا السبب يلتزم الرئيس مبارك بإنهاء الصراع الذي وصل لـ"طريق مسدود".
* وقال إن "حماس معزولة سياسيا وغير قادرة على تعطيل الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لكنها لا تزال راسخة في غزة ولم يوضح تقديره حول متي سوف تستمر سيطرة حماس على القطاعط.
وأشار سليمان إلى أنه إذا تمت المفاوضات بنجاح بين الطرفين ستضطر حماس إلى التنازل عن السلطة في غزة خلال 3-4 شهور، ثم قال: "خلاصة القول بالنسبة لحماس سوف يجبروا على الاختيار بين أن تبقي حركة مقاومة أو أن تنضم للعملية السياسية لكن الاثنين معا لا يمكن".
* سليمان قال لفوينوفيتش أيضا إن المنطقة العربية تمر "بمنعطف ولحظات حرجة"، مؤكدا على أن مصر شريكة للولايات المتحدة الأمريكية.. في بعض الأحيان لدينا خلافات لكن مصر سوف تواصل تقديم خبراتها بشأن القضايا الإقليمية الحرجة مثل لبنان والعراق.
3- برقية "عالية السرية" برقم ((08CAIRO1637 بتاريخ 21 يوليو 2008 كتبت مارجريت سكوبي حول مقابلة جرت بين السيناتور الأمريكي جون كيري والرئيس مبارك:
* جاء على لسان مبارك خلال اللقاء: "لم ترض أي دولة عربية بالدخول في تحالف عسكري رسمي مع الولايات المتحدة ضد إيران خوفا من الانتقام الإيراني"، "هذا مع إيمان مبارك- والحديث لسكوبي- بأن الإيرانيين كاذبون ويدعمون الإرهاب و لكنه لا يستطيع التصريح بهذا علنا لأن ذلك سوف يخلق موقفا دبلوماسيا خطيرا".
* وردا على استفسار للسيناتور كيري حول الوضع في السودان، قال مبارك: "تعمل مصر على حل قضية السودان، لكن في هدوء"، وأشار إلى محاولات مصر لمساعدة الشعب السوداني من خلال المستشفيات المصرية المنتشرة في السودان والجهود التي يبذلها عمر سليمان لتقديم المشورة بشأن مفاوضات الشمال والجنوب.
* وبشأن العراق سأل كيري مبارك ما إذا كان من الممكن أن يغير الرئيس المصري من رأيه عن المالكي خاصة بعد نجاح جهود الاستقرار في مدينتي البصرة والصدر، قال مبارك "أنا لا أنزع للانتقاد.. لقد جاء المالكي للقاهرة وأعطيته رقم هاتفي لكنه لم يتصل"، وأشار إلى أن مصر عرضت استضافة وتدريب القوات العراقية إلا أن هذا العرض لم يرد عليه العراقيين.
وأكد مبارك على أن "الولايات المتحدة لا يمكن أن تنسحب من العراق حتى يتم تعزيز القوات المسلحة والشرطة.. حتى ذلك الحين على واشنطن البقاء".
* وحول السلام في الشرق الأوسط قال مبارك إنه يرى تقدما كبيرا بين سوريا وإسرائيل لكنه لا يتوقع أي تقدم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وقال "الفلسطينيون يتنازعون فيما بينهم.. حماس والفصائل الأخرى سترفض أي اتفاق بواسطة أبو مازن".
وأعرب سليمان عن أمله في أن تتمكن الولايات المتحدة من إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، لكنه أكد أن إيران "يجب أن تدفع ثمنا عن أفعالها".
* وذكر سليمان أن مصر بدأت "مواجهة حزب الله و إيران بعدما حاول حزب الله إنشاء أول خلية له في مصر"، كما ذكر أن مصر بدأت في تجنيد عملاء في العراق وسوريا".
* وحول الوضع في السودان قال سليمان "مصر قلقة للغاية بخصوص استقرار السودان"، مشيرا إلى أن جهوده تمركزت حول وقف دعم المتمردين ودعم المفاوضات بين الفصائل في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام الشامل، وشدد "مصر لا تريد تقسيم السودان".
* وقال سليمان في حديثه عن الوضع الداخلي في مصر : "من بعد حملة الحكومة الناجحة ضد الجماعات المتطرفة في التسعينيات لم يبق إلا جماعة الإخوان المسلمين.. والحكومة مستمرة في مساعيها لجعل الجماعة تواجه المصاعب في مصر".
5- برقية "متوسطة السرية" برقم (09CAIRO1349) بتاريخ 14 يوليو 2009 كتبتها سكوبي عن مقابلة جرت بين الجنرال بيترايوس وعمر سليمان:
* قال سليمان خلال اللقاء: "إيران استجابت لتحذيرات مصر بعدم التدخل في شئونها الداخلية وتقديم الدعم للإخوان المسلمون"، وقد تلقى سليمان رسالة من رئيس المخابرات الإيرانية أكد فيها أنهم لن يتدخلوا في شئون مصر، وبالتالي قرر سليمان إبقاء الأوضاع هادئة في إيران، مع استمراره في تجنيد عملاء داخل إيران لاستخدامهم في "الوقت اللازم" إذا ما عادت إيران للتدخل في شئون مصر.
* وأضاف سليمان: "نأمل أن تتوقف إيران عن دعم حماس والإخوان المسلمين والخلايا الأخرى.. وإن لم تفعل فنحن مستعدون لها".. "نحن مستعدون لعلاقات جيدة مع إيران في حالة أنها قررت التوقف عن دعم الإرهاب في المنطقة وعدم التدخل في شئون العرب".
* وحول المصالحة الفلسطينية قال سليمان: "المصالحة بين فتح وحماس غير واردة في الوقت الراهن لأن كل من فتح وحماس في حقيقة الأمر لا تريد المصالحة"، وقال سليمان عن نفسه "أنا أعتبر نفسي رجلا صبورا.. لكن صبري بدأ ينفذ".
* وعن اليمن، قال سليمان إن "مصر كانت تمد الرئيس علي عبد الله صالح بمعلومات حول دعم قطر وإيران للمتمردين الحوثيين"، وأشار بترايوس إلى جهود الولايات المتحدة لتحسين قدرة اليمن على مكافحة المتطرفين.
6- برقية "متوسطة السرية" برقم(09CAIRO231) بتاريخ 9 فبراير 2009 من سكوبي إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تنصحها بكيفية التعامل مع وزير الخارجية المصري أبو الغيط الذي يطلب زيارتها، ومن بين ما تنصح به:
* قالت سكوبي لكلينتون: "قولي لأبو الغيط أنك مهتمة لسماع وجهة نظر مصر في القضية الفلسطينية لأن المصريين أصبحوا يظنون منذ زمن أننا نتجاهل وجهة نظرهم بعمد أو غير عمد".
* وأضافت سكوبي "مبارك يكره حماس ككرهه للإخوان المسلمين الذين يمثلون التحدي الحقيقي له في مصر"، كما أن "مصر تنفق 23 مليون دولار ممولة من وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية لمكافحة الأنفاق مع غزة، وتريد شراء 4 أجهزة backscatter x-ray لكشف المتفجرات داخل السيارات القادمة إلى سيناء"، كما أن "مصر تتعاون مع إسرائيل مخابراتيا في الكشف عن تحركات الإسلاميين عبر الحدود مع غزة".
* وقالت سكوبي "أبو الغيط صرح إعلاميا أن مصر لا تعلم شيئا عن اتفاق أمريكي-إسرائيلي لمكافحة تهريب السلاح لغزة مع أنه تشاور مع كونداليزا رايس والسفيرة الأمريكية حول محتواه قبل ذلك، فالمصريون لا يريدون تحمل مسؤولية الفلسطينيين، كما أنهم يأملون لو استطاعوا توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل حول مشاكلهم".
* مبارك قال لجورج ميتشل- والحديث لسكوبي- إنه لا مانع لديه أن تتحدث أمريكا مع إيران "طالما (الأمريكان) لا تصدقوا أي كلمة يقولونها لأنهم كاذبون في كل ما يقولون والسوريون والقطريون أيضا كاذبون ويتملقون إيران".
* وتلفت سكوبي نظر هيلاري كلينتون إلى أن "مصر شديدة الغضب من تقلص المعونة الأمريكية التنموية من 415 مليون دولار في عام 2008 إلى 200 مليون دولار في عام 2009، ويقولون إن المشكلة ليست مادية لأن المصريين يدّعون أن مصر لا تحتاج لتلك الأموال.. لكنها شيء محرج لمصر لأن هذا يظهر صغر أهمية دور مصر لمصالح الولايات المتحدة.
* "كما أن مصر تشتكي من ثبات المعونة الحربية لمصر عند 1.3 مليار دولار منذ 30 عاما بغض النظر عن نسب التضخم، في حين أن المعونة الحربية لإسرائيل في زيادة مستمرة".
* تنصح السفيرة وزيرة الخارجية كلينتون الضغط على أبو الغيط لإطلاق سراح المعارض أيمن نور والناشط سعد الدين إبراهيم، وتؤكد سكوبي لكلينتون أن ترفض طلب أبو الغيط لرئاسة فاروق حسني لليونسكو لأنه قال –فاروق- إنه ليس لإسرائيل أي ثقافة وأن ما لديها من ثقافة مسروقة من دول أخرى".
"حرب غزة"
7- برقية "عالية السرية" برقم ((09TELAVIV1177 بتاريخ 1 يونيو 2009 صادرة من السفارة الأمريكية في تل أبيب حول لقاء سيناتور كايسي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وعضو الكونجرس أكريمان بوزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك:
* أوضح باراك أن الحكومة الإسرائيلية تشاورت مع مصر وحركة "فتح" قبل عملية "الرصاص المتدفق" بقطاع غزة، متسائلا عما إذا كانوا –مصر وفتح- فرضوا سيطرتهم على القطاع عندما تهزم إسرائيل حركة حماس؟ وأضاف باراك أن "الرد كان متوقعا.. لقد تلقينا إجابات سلبية من الطرفين".
* وأكد باراك على أهمية التشاور مع مصر وحركة فتح فيما يتعلق بعملية ترميم وإصلاح ما دمرته الحرب على غزة، ولم يتطرق باراك إلى أى اتفاقات بشأن الجندى الأسير لدى حماس جلعاد شاليط.
* عبر إيهود باراك عن رأيه بعد عدة اجتماعات مع السلطة الفلسطينية أنها "ضعيفة وتفتقد الثقة بالنفس"، مشيرا إلى أن التدريب العسكري الذي قام به الجنرال الأمريكى دايتون لعناصر من حركة "فتح" "ساعد على تدعيم الثقة بالنفس لدى هذه العناصر".
وفي رد فعل السلطة الفلسطينية على وثائق "ويكيليكس" قال كبير المفاوضين صائب عريقات: "ما نشره الموقع يثبت صدق الرئيس محمود عباس في رفضه القاطع للحرب الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على غزة".
8- برقية من السفارة الأمريكية في تل أبيب بتاريخ 1 ديسمبر 2009 على لسان عوزي آراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يتهم فيها وزارة الخارجية المصرية بالإضرار بالعلاقات بين البلدين، بسبب اقتراحها إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وأشار آراد إلى أنه يريد أن يرى نفس الموقف المصري تجاه البرنامج النووي الإيراني.
وفيما تذهب تقارير صحفية أمريكية إلى أن تسريبات "ويكيليكس" لأطنان من الوثائق العسكرية والسياسية الأمريكية ناتج عن اختراق الكتروني لأنظمة الاتصال الخاصة بالبنتاجون، لم تؤكد السلطات الأمريكية مصدر تسريب الوثائق، لكن معلومات أشارت إلى شخص يدعى "برادلي مانينج" كان يعمل في الاستخبارات العسكرية الأمريكية، وتم اعتقاله في مايو الماضي بعد نشره تسجيل فيديو لضربات جوية أمريكية أسفرت عن مقتل مدنيين في بغداد.
No hay comentarios:
Publicar un comentario