miércoles, 30 de enero de 2013

فتنة العراق.. بعد سورية (3)



صادق خنافر وحسين ملاح

في الجزء الثالث والأخير من تقرير "فتنة العراق...بعد سورية" نركز على انعكاس الاضطربات الجارية في المحافظات الغربية على الساحة العراقية، وكيفية مواجهتها على الصعيدين الشعبي والرسمي، بعدما كنا شرحنا في الجزء الاول من التقرير أهمية العراق ودوره، فيما تناول الجزء الثاني الدور الخارجي في تأجيج الازمة خدمة لمشاريعه التي تطال المنطقة برمتها..



مما لا شك فيه ان التحركات الجارية في غرب العراق ووسطه لم تكن وليد الصدفة او مجرد رد فعل على اعتقال آمر حماية وزير المالية رافع العيساوي، فالنبرة التحريضية التي لجأ اليها الاخير للرد على الملاحقة القضائية بحق حمايته، اوحت بان هناك اطرافا من داخل وخارج البلاد تقف وراءه لدفع الأمور نحو التصعيد.

مطالب.. أم تصفية حسابات

"المنطقة والعالم في حالة حرب عالمية باردة تمارس من خلال سورية وغيرها، وتمارس على العراق، والمطلوب أن لا يستقر ليكون جزءاً من هذه الحرب أو مادة تستخدم فيها"، حسب رأي المحلل السياسي العراقي أبو ميثم الجواهري لموقع المنار، الذي يضيف أن "هناك مؤامرة تقودها قطر وتركيا والسعودية وبالتنسيق مع إسرائيل والولايات المتحدة من أجل خلق محور جديد في مواجهة المحور المناهضة للوجود الأميركي في المنطقة الذي تمثله إيران، والاحداث الجارية في العراق الآن هي جزء من الضغوط لمحاولة جره الى المحور الغربي الخليجي، علماً أنه لا يعتبر نفسه جزءاً من هذا المحور أو ذاك".

ويعتبر الجواهري أن "الدول المشاركة في هذه المؤامرة استغلت جزءاً من الأكراد اللذين يريدون أن ينهبوا العراق ويأخدوا خيراته ويستولوا على كل الثروات التي توجد في مناطقهم وربع الثروة التي توجد في باقي انحاء البلاد، ويريدون تحقيق دولة على حساب الوجود العراقي، ويستغلون المأزومين أيضاً من الساسة العراقيين، من البعثيين والقاعدة لكي يستفيدوا من المناخ الطائفي، وبعض الأطراف الذين يحاولون الوصول الى التقسيم". وعمل هؤلاء الأساسي، حسب الجواهري يرتكز على "رفع منسوب التوتر الطائفي، والتحريض المذهبي".


وهذا ما يؤكده المحلل السياسي العراقي عباس الموسوي لموقع المنار ويقول أن "موضوع الانبار والتظاهرات التي خرجت لم تكن ردود فعل عادية، فالكل يعلم ان القضية هي قانونية، والقضاء العراقي هو من اصدر هذه المذكرة". ويضيف "لكن المؤتمر الصحفي للعيساوي سعر من الخطاب الطائفي، وأجج بعض المتطرفين لاستخدام هذه الورقة، تصورا منهم ان هناك ربيعاَ سنياً أو سلفياً سيكون له امتداد في العراق". ويعتبر الموسوي ان "هناك تشتت وتعارض وعدم وضوح في مطالب المتظاهرين.. فبعضها طائفي، وبعضها خدمي، وبعضها تشريعي".

ويرى أن "هناك مطلب واحد قد يضعف كثيراً هذه التحركات ومنها حل قضية توقيف آمر حماية العيساوي، كاصدار الحكومة قراراً بوقف الملاحقة واطلاق سراحهم.. وهذا الاخراج غير قانوني".. و"الحكومة ليست بوارد الدخول بتسوية حول هذا الموضوع لانه قضائي بامتياز".


مخاطر الأزمة
تركت الازمة الأخيرة وقبلها التوتر بين الحكومة المركزية واقليم كردستان اثاراً سلبية على العراق الذي يعاني اصلاً من ثغرات في مختلف المجالات، ابرزها الانكشاف الأمني والتفجيرات المتفرقة، واتت احتجاجات الانبار لتزيد من الطين بلة بعدما لجأ القيمون عليها الى الزج بالشعارات الطائفية والمذهبية والدعوات الى التقسيم.



وفي هذا السياق، يشير الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين لموقع المنار أن "هناك لعبة خطرة في المنطقة.. ففي حال لم تؤد المحاولات الغربية والعربية الى اسقاط النظام في سورية، سيكون هناك سعي الى احداث فوضى في العراق، وهذه المسألة ليست مستبعدة ، وقد تفضي الى تقسيمه في نهاية المطاف.. وبالتالي إخراجه من المعادلة".


من جانبه، مدير مركز الدرسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران أمير موسوي يؤكد في حديث للموقع أن "المشكلة كلها هي حالة المقص التي حاولوا بها محاصرة سورية، فمن جانب تحركوا بداية في شمال لبنان بعد يأسهم من إحداث تغيير في الوضع السورية بعد سنتين من الدعم العسكري والمادي والاعلامي للمجموعات المسلحة والقرارات الإقليمية والدولية، كلها وصلت إلى إنكسار أمام الإرادة السورية، وأصبح الوضع عصياً عليهم..".

ولأن "هدفهم إيجاد المشكلة، ومطلبهم ان تبقى الامور متوترة ومتأزمة، لا يريدون حلاً، وخاصة ان هناك أمور تحتاج لتعديل دستور وهذا يتطلب استفتاء"، يقول الجواهري. وبذلك يمكننا أن نلخص أبرز المخاطر التي تواجه العراق من خلال الأحداث الجارية، بالتالي:
زيادة الشرخ بين مكونات الشعب العراقي عبر التحريض المذهبي والعرقي.
المشاريع التقسيمية التي يسعى لها الغرب.
إضعاف الدولة المركزية.
عودة التفجيرات الدموية المتنقلة (عادت).
القضاء على التجربة السياسية العراقية.
التأثير على محاولات النهوض بالوضع الإقتصادي والإجتماعي (الثروات النفطية).


الداء والدواء
ورغم ضبابية المشهد يكثر التساؤل عن امكانية نجاح العراقيين في الخروج من المأزق، وماذا تمتلك الحكومة من اوراق لمعالجة الوضع الراهن؟


ويجيب المحلل السياسي أبو ميثم الجواهري لموقع المنار أن "الحكومة العراقية واعية لهذه المؤامرة، واستطاعت من خلال تعاونها الإيجابي مع مطالب المتظاهرين وإطلاقها سراح مئات السجناء والسجينات، ومناقشة المادة الرابعة (إرهاب) والمساءلة والعدالة، وهناك لجان عديدة لايجاد طرق لرفع الضيم والحيف عن من لحق به، والمتظاهرون الوطنيون منفتحون وادركوا ان الحكومة جادة وصادقة في حلها، وادركوا أيضاً ان القوة التي تحركهم وتستثيرهم كاذبة ولا تريد حل الأزمة بل يريدون تحريكها وإبقائها مشتعلة حتى تستطيع تحقيق أهدافها، ومطالب الدول الاقليمية التي يعملون لصالحها".

بدوره يرى أمير موسوي للموقع أن "نقطة الإختلاف الآن بين الحكومة الأطراف المعارضة أخذت نوعا من المواجهة السياسية، لا يمكن الرجوع عنها بسهولة لا من المعارضة ولا من الحكومة، لسببين:
المطالبات الغير قانونية لبعض شرائح المعارضة.
التدخلات الاجنبية والإقليمية خاصة.

ويشير مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية أن "بعض المطالب معقول ومنطقي يمكن معالجته، وعلى الحكومة تفهمها، وهناك مطالب لا تستطيع تنفيذها لأنها ليست من صلاحياتها". ويضيف أن "البرلمان لا بد من ان يتخذ قرارات بشأن القوانين التي يطالب بها بعض المعارضين وبعض الساسة العراقيين لإلغائها". ويشير الى أن "المادة التي تحارب الإرهاب لا يكمن إلغاؤها بقرار سياسي، وإذا كان هناك شوائب في التنفيذ يمكن تعديلها، أما إلغاؤها فيعني إعطاء الفرصة للإرهابيين أن يقتلوا ويخطفوا ويغتالوا بكل حرية من دون محاسبة، وفي ذلك نوع من التطاول على الحق العام للشعب العراقي، والخيانة للوطن ودماء الشهداء.. فكل هذه المطالبات هي نوع من المزايدات لا يمكن حلها بسهولة".



وبحسب موسوي، فالحل داخلياً يتطلب "تشكيل لجنة وطنية عليا تقوم بإجراء الاتصالات والتفاهم وايجاد ارضية للحوار الوطني تعمل على معالجة المشكلة العراقية بصورة عامة، فالحالة الموجودة في الأنبار موجودة في مختلف المناطق، وإيجاد حل أساسي للخدمات، واتخاذ قرارات حازمة لمعالجة المشاكل الاقتصادية". ويضيف "كل الامور قابلة للعلاج الا ورقة الطائفية ويجب نبذ التصريحات الفتنوية، كما أن الغالبية الصامتة من الشعب العراقي لن تبقى صامتة أمام من يريد تدمير البلاد بل ستواجه بقوة عارمة اذا وصل الى الخط الاحمر".

ولأن التحركات الشعبية الحاصلة في العراق لا يمكن ادراجها في اطار ما يسمى بالربيع العربي نظراً للحساسية المذهبية التي تتسم بها الساحة العراقية لعل أبرز ما تستطيع ان تتمسك به حكومة المالكي لقطع الطريق على هذه التحركات، هو وضوح المشهد بأن هذه التحركات ليست على خلفية مطلبية معيشية فحسب إنما لها امتدادات خارجية، وبالتالي كلما أراد هؤلاء الضغط على حكومة المالكي فإنه يستطيع ان يتحرك بأكثر من اتجاه، وفق رأي الخبير الإستراتيجي حبيب فياض لموقع المنار:
الأول: المزيد من الدعم للنظام السوري لتعزيز صموده وتوطيد العلاقة مع إيران والأردن. (زيارة المالكي الأخيرة لعمان وبحث المخاوف المشتركة).
الثاني: الضغط على الحكومة التركية من خلال اللعب بالورقة الكردية. (العراق ألغى عدداً كبيراً من الاتفاقيات الموقعة مع أنقرة ومنع طائراتها من عبور أجوائه).

لا يبدو ان التدخل الاقليمي والغربي سوف يؤدي الى احداث تغيرات اساسية على الساحة العراقية او الى تراجع في موقف العراق من علاقته بإيران ومن الأزمة السورية، لأن عراق ما بعد الانسحاب الأميركي حسم خياراته على أساس حسن الجوار مع جميع الأطراف. ولأن الحوار يبقى الحل الانجع لتسوية المشاكل، تبقى الامال معلقة على خروج العراق سريعاً من محنته، وعدم الاستسلام للمشاريع الخارجية التي تريد جر أبناء الوطن الواحد لإقتتال تحت عناوين طائفية ومذهبية، يكون العراقيون اول من يدفع ثمنها، كما يحصل عند جيرانهم السوريين...


فتنة العراق.. بعد سورية (1)
فتنة العراق.. بعد سورية (2)

http://www.almanar.com.lb/adetails.php?eid=409326&cid=21&fromval=1&frid=21&seccatid=20&s1=1

No hay comentarios:

Powered By Blogger

Contribuyentes