domingo, 2 de enero de 2011

دموية الأمريكان.. والسيناريوهات الامبريالية

لجينيات ـ أصبح من المسلم به الآن ، أن أحد أهداف الاحتلال الأمريكي لأفغانستان ، هو ممارسة أشكالا من الإبادة الجماعية ، ولم يعد مقنعا الحديث عن الحوادث العرضية لجرائم الاحتلال في أفغانستان ، ولا نعتقد بأن هناك شخص يحترم نفسه سيعود مرة أخرى ليدافع عن الاحتلال ، حتى وإن كان يقبض راتبا مقابل ذلك . فبعد الوثائق المسربة التي نشرت على موقع ، ويكيليكس ، لم يعد هناك مجال للتستر على جرائم الاحتلال ، الذي يعاني بدوره من الخسائر البشرية ، والمادية ، حيث قتل أكثر من 68 جنديا خلال شهر يوليو ، كما يعاني من إساءته لصورته في العالم ، وهي صورة لا تنفع معها أي مساحيق ، أوبالونات حرارية لإبعاد القذائف الموجهة إليها على الصعد المختلفة وفي مقدمتها العنصر الاخلاقي . فلدينا الآن آلاف الوثائق التي تتحدث عن جرائم الاحتلال في أفغانستان ، والمذابح بحق المدنيين والتي ارتكبتها قوات الغزو الأمريكي في عدد من مديريات أفغانستان .

الحقيقة أكبرمن الظاهر :

ولا شك بأن الحقيقة الكاملة عن جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال في أفغانستان ، أكبر مما يتم تسريبه ونشره ، ومع ذلك رأينا حجم الارتباك والهلع الذي انتاب الإدارة الأمريكية ، من نشر بعض الوثائق التي تم فيها مراعاة الجانب الأمني و" تهديد حياة الجنود " و" تعرض حياة الجنود والأمن القومي الأمريكي للخطر " ! كما ورد في الصحف الأمريكية والالمانية والبريطانية التي نشرت هوامش من تلك الوثائق وليس الحقائق كاملة . وقد سارع وزير ، العدوان الأمريكي ، روبرت غيتس ، إلى التعبير عن خطورة النشر ، وتهديده لحياة الجنود وما وصفه بالأمن القومي الأمريكي ، ورجا وسائل الاعلام التوقف عن الاستمرار في نشر فضائح سياسات بلاده الاجرامية في أفغانستان ، والعراق ، والبلاد الاسلامية ، وفي مقدمتها العربية وغيرها .

ترى لماذا يخشون الاعلام ، ويراقبون مواقع الانترنت ، ويسجنون الجنود الذي يسربون معلومات ، ويسارعون بردود مرتعشة ، كما تفعل المافيات ، وعصابات الجريمة المنظمة ، عندما يتحدث عنها في وسائل الاعلام ، لولا إدراكها لحجم الجرائم التي قامت وتقوم بها بحق الانسانية في أفغانستان ، والعراق وغيرها ؟!!!.

لقد كشفت الوثائق المسربة عن حجم وكيفية قيام قوات الاحتلال بقتل ميآت المدنيين،إن لم يكن الآلاف في حوادث لم يتم الاعلان عنها ، وعن تصاعد هجمات المجاهدين الأفغان ، وفي مقدمتهم طالبان ، ضد الاحتلال البغيض لبلادهم . ومحاولة اتهام باكستان وايران بدعم المجاهدين ، يكشف أيضا عن الأعداء لا يفرقون بين المسلمين ، وتقسيمهم إلى متطرفين ومعتدلين ، ليس سوى تكتيكا لتفريقهم ، وضرب بعضهم ببعض ، وإلا فإن استهدافهم جميعا هوالاستراتيجية النهائية للتعاطي معهم ، وحتى وإن صدقهم أضراب أبوعبيد الله الصغير.

إن ما نشرته ،" ذي غارديان " البريطانية و" نيويورك تايمز" الأمريكية و" دير شبيغل " الألمانية ، من ملفات وسجلات بلغ عددها 90 ألفا ، ليس سوى قطرة من بحر جرائم الإبادة المرتكبة بحق الشعبين الأفغاني والعراقي ، ولا سيما الفلوجة .

وإذا كانت بريطانيا قد فقدت أكثر من 320 جنديا ، وزاد عدد القتلى الأمريكان عن الألف جندي ، فإن عدد الضحايا الافغان من المدنيين يعدون بشكل غيبي ، ميآت أوآلاف ، كما لو أن حصرهم غير ذي جدوى ، أو لا يكتسي أيهأ همية ، وهي جريمة أخرى بحق الانسانية ، ترتكبها قوات الاحتلال وحكوماتها ، أي إخفاء حقيقة عدد الضحايا من المدنيين بحجة زائفة ومقززة وتعبرعن اجرام يفوق الوصف . وعندما يبرر إخفاء الحقيقية بالخشية على أرواح الجنود أوالأمن القومي ، يستشف من ذلك أن الإبادة الجماعية بحق الإفغان هي أيضا من متطلبات الأمن القومي الأمريكي أو غيره ، كما أبيد الهنود الحمر لنفس الغرض .

وعوض الاعتراف بالحقيقة ونشرها كاملة ، تم تجريم عملية تسريب الوثائق ، وفتح تحقيقات حول ذلك ، وتقدير حجم الضرر، الذي ألحقته بالاحتلال على الصعيدين الاخلاقي والأمني ، مما يزيد من مخاوف الانسانية من التوحش الأمريكي ، رغم أن ما كشف عنه كان قطرة من بحر جرائم الإبادة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في أفغانستان ، وكانت صحف ألمانية قد نشرت بدورها في وقت سابق صورا لجنود يحتضنون جماجم ضحاياهم . وما ينطبق على الجنود الأمريكان ينسحب أيضا على الفرنسيين ، والبريطانيين ، والايطاليين ، والدنماركيين ، والاسبان وغيرهم .

حلفاء ظرفيون :


لم تدرك الأنظمة في البلاد الاسلامية ، كباكستان ( مثلا ) أن الأمريكان ، لا ينظرون إليها كحليف استراتيجي ، بل كحليف تكتيكي ، تفرضه المصالح الدائمة ، وليس هناك صداقات دائمة ، كما نقل عن ملكة بريطانيا ، إليزابيت الثانية " ليس هناك صداقات دائمة وإنما مصالح دائمة ". فالتعامل بدافع المبادئ لا يكون سوى بين الحلفاء الاستراتيجيين ، كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ، أو بين الاثنتين وبقية دول أوربا ، والكيان الصهيوني . فمهما حصل من خلافات ، وتباين في وجهات النظر ، وحتى خيانات ، يبقى الجميع ،حلفاء استراتيجيين .

تجسس الكيان الصهيوني على جميع الدول بما في ذلك الاوروبية والامريكية ، وسرق وثائق عسكرية حساسة، وباع أسلحة ممنوعة للصين وروسيا، وجورجيا وغيرها ، واستخدم جوازات جميع هذه الدول في جرائم استخبارية وظل الحليف الاستراتيجي ، أما باكستان فإنها تدفع اليوم ثمن فشل أمريكا وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان ، باتهامها بمساعدة الجهاد الأفغاني . وربما كان الهدف من وراء نشر الوثائق السرية ،هو وضع باكستان في دائرة الاستهداف ،بعد أن فشلت استراتيجية تفجير باكستان من الداخل عبر دفعها لحرب أهلية في وزيرستان ، ومع القبائل البشتونية الحليف الاستراتيجي لها بعد سقوط نظام الملك ، ظاهرشاه، في أفغانستان . فقد تحدثت بعض الوثائق عن دعم باكستاني مزعوم لطالبان ، وهو مانفته اسلام آباد ، واتهم قائد الاستخبارات الباكستانية السابق الجنرال حميد غل ، البنتاغون ، ووزارة الخارجية الأمريكية بتسريب الوثائق المتعلقة ببلاده ، ودوره شخصيا لتبرير الهزيمة في أفغانستان . و" تشويه صورة المخابرات الباكستانية " التي حالت ( ربما ) دون توسع الصراع في باكستان ، وهمينة قوات أجنبية على مفاعلاتها النووية في ظل فوضى ( خلاقة ) كما وصفها وزير دفاع أمريكا السابق ، دونالد رامسفيلد . بينما تستمرالإبادة في باكستان ، وأفغانستان ، فقد قتل من المدنيين أكثر مما قتل من جنود الاحتلال ، مع فارق كبير ، واختلاف في الحجم والنوع ، فالمدنيين يقتلون بالجملة ، غيلة وحقدا وانتقاما للقتلى من جنود الاحتلال ، الذين وصل عددهم إلى 408 قتيلا حتى شهر يوليو 2010 م ، فقد قتل يوم 26 يوليو الماضي 45 مدنيا أفغانيا جملة واحدة في هجوم صاروخي ارتكبته قوات الاحتلال في اقليم هلمند ، وتحديدا في بلدة سانجين ، جنوب أفغانستان . وقد أعترفت قوات الاحتلال بالجريمة وإن سمتها " حادثا "ولم تزد عما تخرصت به من قبل بأنها " تحقق في الأمر " .

على خطى هولندا :

لم يعد لقوات الاحتلال ما تبرر به بقاءها في أفغانستان ، فمنذ وجودها ارتفع معدل الفقر والحرمان ، وارتفع عدد الجرائم ، وزاد عدد الضحايا ، وعادت أفغانستان ليس إلى القرون الوسطى ، ولكن إلى المجتمع البدائي ما قبل الحضارة ، وزادت نسبة الفساد في الحكم ، وهو وفق " هيئة النزاهة ومكافحة الفساد " غير الحكومية في أفغانستان " يبلغ حوالي بليون دولار من النتاج المحلي الاجمالي " وكذلك زراعة الحشيش . لذلك لم يبق للاحتلال سوى أن يعجل بالرحيل ، دون انتظار سنة 2014 م ، كما فعلت هولندا التي أعلنت أنها ستسحب كامل قواتها بداية من 31 يوليو ، واعلان كندا بدء الانسحاب سنة 2011 م . وهو ما رحبت به طالبان وفق صحيفة " فولكسكرانت " نقلا عن الناطق الرسمي باسم الحركة ، قاري يوسف أحمدي . والذي دعا بقية الدول للنسج على نفس المنوال ، وعدم التورط في حرب امبريالية تقوم بها الولايات المتحدة ، على حد وصفه .

والحقيقة هي أن الاحتلال فشل في القضاء على طالبان ، وهو هدفه الاستراتيجي ، إلى جانب إحداث إبادة جماعية في صفوف المدنيين الأفغان ، فلم تخل حرب أمريكية منذ اكتشاف كريستوفر كولومبو، أمريكا ، وحتى اليوم من قتل للمدنيين ، فقد قتل في الحرب العالمية الثانية أكثر من 60 مليونا 90 في المائة منهم مدنيون ، وهذه طبيعة الحروب التي خاضها ويخوضها الغرب سواء حروبه الداخلية ، أو حروب الهمينة والاحتلال . وقبل أكثر من 250 سنة قتل 110 ملايين من الهنود الحمر ، أي لو بقوا على قيد الحياة لزاد عددهم عن المليار. وكل ذلك ليهنئ المستعمر الغربي بالعيش الرغيد والأمن في أمريكا .

سيناريوهات النهاية الدموية :


إذا كان خروج الاحتلال من أفغانستان مسألة وقت ، وحتمية لا جدال حولها ، فإن السيناريوهات المتوقعة لنهاية أطول حرب تخوضها أمريكا في تاريخها ( 9 سنوات ) ، والتي تعمل أمريكا لإنفاذها في أفغانستان ، تبدو اليوم أكثر وضوحا من ذي قبل . ومن ذلك إعادة أفغانستان لفوضى الاقتتال الداخلي ، من خلال نشر البلبلة وزرع عدم الثقة بين المجاهدين الأفغان ، كالزعم بأن قائد" الحزب الاسلامي " الأفغاني ، قلب الدين حكمتيار ، زود الاحتلال بمعلومات عن طالبان .

وتشكيل ميليشيات محلية ، والتي سميت في العراق ب " الصحوات " لقتال طالبان ، كمقدمة لخلق حرب أهلية تفضي إلى تقسيم أفغانستان بين جنوب بوشتوني ، وشمال طاجيكي ، أزبكي ،هزاري ، وهي خطة استخدمها الاحتلال الروسي من قبل ومنيت بفشل ذريع . وهو ما ينتظرأمريكا التي فضحت الوثائق المسربة عملاءها في أفغانستان والذين وصلت أسماؤهم إلى طالبان بطرق مختلفة ، وهم بين التوبة ، والهروب من البلاد .

ومن السيناريوهات إقصاء الدور الباكستاني من أفغانستان ، أو تحجيمه ، وتمكين الهند من لعب دور في راهن ومستقبل أفغانستان ، بعد رحيل الاحتلال وفي ظله ، وهو ما أشار إليه المبعوث الأمريكي إلى باكستان وأفغانستان ، ريتشارد هلبروك ، يوم 22 يوليو 2010 م ، أثناء زيارة قام بها للهند . وقال بوضوح يعبر عن استراتيجية فاشلة " لا باكستان ولا طالبان يمكنهما السيطرة على السلطة في ظل وجود حكومة شرعية حاليا ... وأن الولايات المتحدة " تدرك الدور المركزي للهند في المنطقة " أي جعلها شرطي على المسلمين في المنطقة كما يهيئ الكيان الصهيوني منذ وعد بلفور لمثل هذا الدور في الشرق الأوسط ، بمباركة الحكام العرب . ولكن الهند لن تلعب هذا الدور ، كما يمكن اجهاض خطة الشرطي الصهيوني ، لوعقلت باكستان ، وشفي العرب من اعتلالهم .

No hay comentarios:

Powered By Blogger

Contribuyentes