viernes, 8 de abril de 2011

عميل للموساد رفيع المستوى

www.alquds.co.uk

عميل للموساد رفيع المستوى

صحف عبرية
بعد نحو سنتين من حرب الايام الستة قام دافيد (دييف) كمحي، الذي كان آنذاك ضابط تجميع معلومات موهوبا خبيرا، وأصبح بعد ذلك نائب رئيس الموساد، باستخدام عميل فلسطيني في اوروبا. برز العميل في الميدان. ارتدى حللا وردية صارخة. خشي كمحي أن يثير لباسه انتباها ويكشف عن اتصالاتهما السرية. لكن فضلا عن ان ذلك لم يحدث تبين ان العميل كنز مهم ايضا. كان ذلك بقدر أقل بفضل المعلومات التي زود بها مستعمله وبقدر أكبر بفضل علاقاته.
في أحد اللقاءات في فندق رخيص في ضاحية من ضواحي دولة اوروبية حدّث العميل مستخدمه عن ان أحد أفضل اصدقائه هو شخصية رفيعة المستوى تعمل في حكومة عربية. تحمس كمحي وطلب الى العميل أن يُجري تعارفا بينه وبين هذا الشخص. بعد ذلك توجه الى مقر القيادة مقترحا أن يُجيزوا له تجنيد الرجل.
لم يتحمسوا في مقر القيادة. كانوا متشككين ولم يؤمنوا بأن الامر ممكن. لكن كمحي أصر. وهب لمساعدته رافي ايتان الذي كان آنذاك رئيس مركز 'تسومت' في اوروبا، وهو وحدة استعمال عملاء في الموساد. أجاز ايتان لكمحي محاولة تجنيد الرجل في الفرصة القريبة. نقل العميل الفلسطيني الى كمحي معلومة عن أن الرجل سيأتي الى اوروبا ونظم له لقاء في اوروبا.
جاء كمحي الى اللقاء بهوية مختلقة لا لاسرائيلي وأقنع الرجل بالموافقة على أن يعمل عميلا. كانت تلك أول مرة كان فيها للموساد عميل رفيع المستوى الى هذه الدرجة في دولة عربية. بعد اللقاء قاد كمحي العميل الجديد الى وكالة سيارات وابتاع له سيارة مرسيدس. 'فعلت ذلك وكأنني دخلت على بقّال الحي'، قال.
تحدث كمحي عن هذا الكشف عندما أُجري معه لقاء قبل بضع سنين بالفيديو من اجل قسم التاريخ التابع للموساد. بُثت أجزاء صغيرة جرت عليها الرقابة اسم العميل والدولة التي عمل فيها وتفصيلات المعلومات التي نُقلت حذفها ضابط الأمن الرئيسي من الموساد في يوم الاثنين هذا الاسبوع، في يوم ذكرى أُجري تذكارا لكمحي الذي مات في آذار (مارس) 2010. نظمت الأمسية زوجته الدكتورة روتي كمحي، وكانت في الماضي تعمل في الموساد ايضا، وأبناؤه والموساد ومركز تراث الاستخبارات.
في فيلم الفيديو ذاك تحدث كمحي ايضا عن أنه بعد يوم من ولادة ابنه البكر دُعي الى لقاء مع العميل، الذي كان آنذاك في رحلة الى جنوب شرقي آسيا. تأخر عن اللقاء. استطاع العميل أن يهمس له بأن يطير على أثره. وعندما وصل بعده اتصل كمحي بسفير تلك الدولة العربية، وببارقة عبقرية من ضابط تجميع اضطر الى اختلاق قصة تنكر جديدة عرض نفسه باعتباره الطبيب الشخصي للعميل الذي جاء صدفة من لندن وتبين له ان الرجل موجود في المدينة ايضا.
سأله السفير بإجلال: أأنت الطبيب المشهور المختص بالكلى؟ أجاب كمحي بـ 'نعم' متواضعة، ودُعي في الغد الى بيت السفير. تبين له هناك أن السفير قد دعا الى الشاي بعد الظهر كبار مسؤولي السفارة وفيهم الملحق العسكري. وخلال ساعة حققوا وسألوه رأيه في مشكلات حجارة في الكلى. تحدث كمحي، فنان الارتجال في المقابلة المصورة قائلا 'كان ذلك أطول حديث وأصعبه في حياتي'. بعد ذلك استطاع أن يلقى العميل وحدهما في غرفة مجاورة كان التنكر بشخصية طبيب يتيح له الاختلاء بمريضه اختلاء تاما.
تحدث موجه الأمسية، اهارون شيرف، الذي كان من جملة من كان، رئيس شعبة العالم في الموساد (المسؤول عن العلاقات الخارجية) عن أن كمحي كان ضابط تجميع معلومات فريدا في نوعه، عرف كيف يختلق شخصيات لاءمت قصة حياته ولهجته الانكليزية العالية: فذات مرة كان طبيبا وفي مرات اخرى رجل اعمال، وعمل مرارا كثيرة متنكرا بشخصية صحافي. وعرّفه رئيس الدولة شمعون بيريس في رسالة تهنئة أرسلها بأنه 'ضابط وجنتلمان'.
وُلد كمحي في 1928 في بريطانيا ابنا لعائلة صهيونية مكونة من تسعة اخوة وأخوات. كان في حركة البُناة وهاجر الى اسرائيل في 1947 بصفة طلائعي للاعداد كي يدرس الزراعة. جُند للهاغاناة وخدم في الجيش الاسرائيلي وجُرح في معارك في القدس. واستقر رأيه بعد الحرب على ان الزراعة ليست من اجله ودرس الاستشراق في الجامعة العبرية. وقد أوصى استاذه البروفيسور دافيد أيلون 'الشاباك' في 1953 بتجنيده. جاء كمحي الى مقابلة ورُفض. وأصر أيلون على معرفة السبب. تبين آنذاك أن كمحي خرج مع طالبة جامعية كانت عضوا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي (ماكي). كان ذلك يكفي في تلك الايام ليلغي 'الشاباك' مرشحا للعمل في جهاز الدولة.
إن رافي ايتان الذي تحدث بكلام ايضا في المراسم قال انه باعتباره كان رئيس الخلية العملياتية في 'الشاباك' قد اخترق في تلك السنة مكاتب ماكي حيث صُورت جميع ملفات اعضاء الحزب. وفي نهاية الامر دعا رئيس الموساد إيسر هرئيل كمحي الى مقابلة شخصية وأثر فيه وقرر انه لن يكون خطرا أمنيا.
خدم كمحي في الموساد حتى سنة 1979. وأصبح بعد اعتزاله الخدمة المدير العام لوزارة الخارجية ورجل اعمال دوليا ونشيطا من اجل السلام الاسرائيلي العربي. في سني عمله في الموساد أظهر موهبة في شتى المجالات. فقد انشأ وحدة الحرب النفسية في الموساد التي كان عملها نشر معلومات كاذبة. وانشأ شعبة مقر القيادة وقضى سنين كثيرة ايضا في شعبة العالم.
جرى التعبير عن أوليته وأصالته ايضا بمشاركة فيما أسماه افرايم هليفي، الذي أصبح بعد ذلك رئيس الموساد، في الأمسية 'مشاركة الموساد في اجراء محاولة الانقلاب الاولى والوحيدة'. لم يذكر هليفي الذي جنده كمحي للموساد اسم الدولة. لكن كمحي نفسه قال لي انه في 1965 أُرسل الى دولة افريقية للفحص عن امكانية أن يُبعد عن الحكم العناصر الاسلامية الموالية للعرب التي سيطرت على الدولة. لم ينجح ذلك ويستطيع الموساد بخلاف الـ 'سي.آي.ايه' أن يغسل يديه وأن يزعم انه لم ينفذ قط انقلابا في دولة اخرى. ربما اذا استثنينا التدخل في السبعينيات في لبنان الذي كان لكمحي وللموساد نصيب كبير فيه واشتمل على المساعدة لتنصيب المسيحي بشير الجميل رئيسا للبنان، وهو اجراء فشل ايضا.

هآرتس 7/4/2011

No hay comentarios:

Powered By Blogger

Contribuyentes