نادر عزالدين |
هزيمة أميركية... المجاهدون اصبحوا مصدر القلق لهم .. السيد فضل الله على رأس قائمة اهدافهم كان لبنان في تلك الفترة الزمنية يعيش الفوضى في الجانب الأمنيّ، وكان هناك الكثير من التفجيرات التي تتحرك بها التيارات الداخلية والخارجية من خلال التدخلات الإسرائيلية عبر جهات داخلية، إضافةً إلى دخول القوات الدولية، ومنها الأميركية، على الخطّ. في تلك المرحلة تحوّل السيّد فضل الله إلى"الهدف"! لأنه بحسب اعتقاد المخابرات الأميركية كان قد "استقبل وبارك الرجل الذي فجر مقر المارينز في منتصف الثمانينيات" الأمر الذي أدى إلى مقتل 241 جندياً من القوات الأميركية، مما أجبرها على سحب وحدتها العاملة ضمن القوات متعددة الجنسيات، وبدأت أميركا حينها حملة تحريض إعلامي ضد المجاهدين إلى حد وضعها لقائمة أهداف كان على رأسها السيّد فضل الله الذي حمّلته مسؤولية الهزيمة التي مُنيت بها في لبنان. هذا أميركيا أما إسرائيلياً، فإن السيّد فضل الله كان يمثّل خطراً على الكيان الصهيوني بناءً لما أطلقت الصحافة الغربية عليه لقب "المرشد الكبير" لحزب الله الذي يمثّل أحد أهم تيارات المقاومة ضد احتلال العدو لجنوب لبنان. وبذلك تحوّل السيّد إلى شاغل لبال أكثر من جهاز مخابرات، فتقاطعت مصالح أميركا وإسرائيل مع مصالح بعض الجهات الإقليمية والمحلية على ضرورة التخلص منه. ولتحقيق هذا الهدف تم تجنيد عدد من المخبرين والعملاء لجمع المعلومات ووضع خطة قضت بتفجير سيارة مفخخة بموكب السيّد فضل الله في "موعد لا يخطئ" وهو موعد خروجه من صلاة الجمعة. وفي الموعد المقرّر، وبعد انتهاء السيّد من إلقاء خطبة الجمعة على مجموعة من الفتيات والنساء، وفي أثناء توجهه إلى منزله كالمعتاد، ألحّت إحدى السيدات عليه بأن يجيبها على بعض الأسئلة الشخصية، وفي تلك الأثناء دوى إنفجار هائل وعلت غمامة من اللهب ابتلعت عدداً كبيراً من المارة جلّهم من النساء الخارجات من المسجد، بالإضافة إلى دمار كبير أصاب المنطقة، وهكذا تحوّل المكان إلى جحيم من النار تلتهم كل شيء ودماء متناثرة في كل مكان. "كان الوضع الأمني في ذلك اليوم متأزماً جداً، وكنتُ أعيش القلق والخوف على السيّد، وهذا القلق مرده إلى حلمٍ مزعج ومرعب أثار مشاعري، حيث تراءى لي في ذلك المنام أنَّ انفجاراً رهيباً وقع قرب سينما "ساندريلا" أي في نفس مكان الانفجار وأدّى إلى استشهاد سماحته، وبعدما فرغ من الصلاة وهمّ بمغادرة المسجد أوحي لي وكأن ملاكاً هبط عليّ من السماء بأن أعترض طريقه، فتقدّمت منه مسرعة ولا شعورياً اعترضت طريقه وطلبت منه التمهل لأن لدي سؤالاً لا أستطيع الصبر عليه، فرفض طلبي قائلاً: أنا منهك ومتعب أرجو أن تسامحينني، ولنؤجل الموضوع إلى وقتٍ آخر، وتدخل مرافقه في الحوار إلا أن وحياً ما شدّ عزيمتي في الإصرار على موقفي فطلبتُ من المرافق الخروج وإقفال الباب، وكنت لا أدري في قرارة نفسي ما هو السؤال الملح"، هكذا تصف الحاجة زينب الشامي الدقائق التي سبقت مجزرة بئر العبد. وتضيف الحاجة زينب، التي وصفها آنذاك السيّد فضل الله بالمرأة المؤمنة التي أنقذت حياته، "إنَّه مجرّد إلهام وربما قوّة خفية ربانية روحانية، شجعتني على هذه الجرأة التي لـم أعهدها في حياتي من قبل، فأنا لا أذكر أنّني وقفتُ يوماً من الأيام مثل هذا الموقف مع السيّد، ولست أدري كيف تجرأت وفرضت عليه رغبتي، ووسط إلحاحي وإصراري عاد السيّد وجلس ليستمع إلى سؤالي، ولا أدري يومها ماذا قلت له، وكلّ ما أذكره أنّني طلبت منه توخي الحذر وتعزيز الحراسة حوله لأنه يعيش في دائرة الخطر.وعندما رويت له ما رأيت في الحلم اكتفى بالقول: إتكالنا على الله وآجركم الله، والمكتوب ليس منه فرار، كلّنا تحت رحمة الله. وما كاد السيّد أن ينهي جملته هذه حتى سمع دوي الإنفجار".
ولإيضاح كيفية نشوء فكرة اغتيال السيّد فضل الله أشارت الـ"نيوزويك" بناءً على مصادر من واشنطن إلى أن "الحكومة اللبنانية طلبت في عام 1984 المساعدة في تدريب قوّة لمجابهة الإرهاب، وبعد نيل الموافقة من الرئيس الأمريكي "دونالد ريغان" ومدير الـ"سي.آي.إيه"ويليام كايسي، ووزير الخارجية جورج شولتز، ومستشار الأمن القومي روبرت ماكفرلين، أُعطيت التعليمات للوكالة للعمل مع قسم المخابرات في الجيش اللبناني بقيادة كولونيل يُدعى "سيمون قسيس". بعيد الإنفجار، بدأ جهاز أمن حزب الله بقيادة الشهيد القائد الحاج عماد مغنية(كما تبيّن مؤخراً بعد استشهاد القائد مغنية) بالتحقيق واعتقال عدد من المشبوهين، واستمر هذا التحقيق فترة طويلة وأعلنت نتيجته بعد سنة كاملة عبر تقرير مفصل نشر في عدد خاص من جريدة "العهد" التابعة لحزب الله. وقد تضمن التقرير خلاصة التحقيق مع أفراد الشبكة التي كان الحزب قد اعتقلها بعيد الانفجار، وفيه عرض لمراحل تأسيس تلك الشبكة والعمليات التي قامت بها ونبذة عن كل عضو من أعضائها. وكانت النتيجة إعدام 11 شخصاً ثبت تشكيلهم لشبكة قامت بسلسة من التفجيرات كان آخرها إنفجار بئر العبد وتضمّن بعضها محاولات اغتيال لعدد من الرموز غير السيّد فضل الله لا سيما رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والدكتور سليم الحص. وقد جاء في هذا التقرير الذي استند إلى التحقيقات التي أُجريت مع أفراد الشبكة الذين نفّذوا عمليات التفجير، أنه "بسبب ما لقيت أميركا من هزائم في لبنان أخذت تهيّئ الرأي العام العالمي لعمل عسكري ينقذ معنوياتها المتدنية، وبدأت الإعداد لتنفيذ هذا التوجه، فاستنفرت كلّ أجهزتها، وأوعزت بموافقة صديقها الحميم، رئيس لبنان في تلك المرحلة أمين الجميل، إلى مدير مخابرات الجيش اللبناني العقيد سيمون قسيس، من أجل تأسيس فرع مخابراتي خاص يتولى التنسيق مع جهاز الأمن التابع لـ"القوات اللبنانية" تحت إشراف ضابطين من الإستخبارات المركزية الأميركية "سي.آي.إيه". ست وعشرون سنة مضت على ذكرى مجزرة بئر العبد التي استشهد فيها حوالي 80 شخصاً، بينهم أكثر من 40 امرأة بالإضافة إلى 260 جريحاً. ربع قرن ونيف والواقع اللبناني لم يتغيّر، وما زال البعض يحمل لواء أميركا ويحارب بسيفها، لا بل يجاهر مفاخراً بصداقته وحلفه معها، إن لم نقل عمالته لها. أعوام تليها أعوام وحجم المؤامرة الأميركية -الصهيونية يزداد ضخامة في محاولة يائسة لضرب المقاومة التي حرّرت الأرض وكرّست مبدأ توازن الرعب وغيّرت قواعد اللعبة مع العدو، وما المحكمة الدوليّة والمطالبة بنزع سلاح المقاومة سوى استكمال لمجزرة بئر العبد وفصل جديد من فصول هذه المؤامرةالأميركية – الصهيونية بنكهة لبنانية. إقرأ هنا: مجزرة بئر العبد .. ذاكرة العمالة للإرهاب الأميركي الجزء الأول |
viernes, 11 de marzo de 2011
مجزرة بئر العبد .. ذاكرة العمالة للإرهاب الأمريكي (2/2)
Suscribirse a:
Enviar comentarios (Atom)
No hay comentarios:
Publicar un comentario